أولا ثم استأنف الوضوء، وإن لم يرو ذلك الراوي لكان كقولك إن كان في رجليه جوربان لم يذكرهما الراوي، وكنا نحن أولى بالتأويل الذي ذكرناه منك، وفاق أفعال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ظواهر القرآن، وتأولك أنت أقواله، وحملك فعاله على نقيض القرآن، والزيادة في ألفاظ الأخبار ما لم يذكره أحد بحال، على أنه لا يعبر بالجوربين عن الرجلين، ولا بالخفين عنهما في حقيقة اللغة، ولا في مجازها، ولم يرو ذلك أعجمي، فيكون لك تعلق به، بل رواه عربي فصيح اللسان، فبطل أيضا حملك الخبر عليه حسب ما بيناه.
فترك الكلام على ذلك كله، وقال: العرب تقول لمن داس شيئا برجله وفيها جورب أو خف: قد داس فلان برجله كذا وكذا، وهذه العامة كلها على ما ذكرناه لا يمتري فيه منهم اثنان.
فقال الشيخ: ليس مثالك بنظير لدعواك، وبينهما عند أهل العقول واللغة أعظم الفرقان، وذلك أن الدائس برجله وهي في الجورب أو الخف معد فعل رجله إلى الدوس، وليس الماسح على الخف والجورب معديا فعله إلى الرجل بالمسح على الاتفاق، فأي نسبة بين ذلك وبين ما تأولت به الخبر على غير مفهوم اللسان؟
فقال أبو جعفر: والله ما أدري ما التعدي والاعتماد، وهذا من كلام المتكلمين، وانقطع الكلام على إخباره عن نفسه بأنه لم يفهم غرض الكلام.
قال الشيخ رحمه الله: وقلت بعد انفصال المجلس لبعض أصحابنا في حل كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) من قوله: هذا وضوء من لم يحدث، زيادة لم أوردها على الخصم، لأنني لم أوثر اتفاقه عليها في الحال، ولم يكن لي فقر إليها في الحجاج، وهي معتمدة في برهان الحق - والمنة لله - وذلك أن قوله (عليه السلام) وقد توضأ فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ومسح برأسه ورجليه: هذا وضوء من لم يحدث، لا