ذلك الوضوء إنما كان لرفع النجس، فيقابل التأويلان ويتكافأ الاحتجاج بالحديثين.
فأما روايته عن أمير المؤمنين (عليه السلام) فهو حجة عليك لا لك، وذلك أن قوله (عليه السلام) وقد مسح رجليه: " هذا وضوء من لم يحدث " يفيد الخبر عن إحداث الغسل الذي لم يأت به كتاب، بل جاء بنقيضه، ولم تأت به سنة، فصار الفاعل له بدلا من المسح المفروض محدثا بدعة في الدين، ولو لم يكن المراد فيه ما ذكرناه على القطع لكفى أن يكون محتملا له، لأن الحدث غير مذكور في اللفظ، وإنما هو مقدر في التأويل، فكأنكم تقولون أن المضمر: لم يحدث ما ينقض الوضوء، والمقدر عندنا فيه: من لم يحدث غير مشروع في الوضوء.
وبقي عليك الحديث الذي روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) توضأ فمسح على رجليه ولم يفصل فارتج عليه الكلام في قول أمير المؤمنين (عليه السلام): " هذا وضوء من لم يحدث " ولجلج فيه، ولم يدر ما يقول، فأضرب عن ذكره صفحا وقال: فأنا أقبل الحديث أيضا أن النبي (صلى الله عليه وآله) قام فتوضأ ومسح على رجليه وهما في النعلين، فأقول: إنهما كانا في جوربين، والجوربان في النعلين، كما أقول في القراءة بالخفض: إنها تفيد مسح الخفين إذا كانت الرجلان فيهما.
فقال الشيخ رضي الله عنه: هذا كلام بعيد من الصواب، متعسف في تأويل الأخبار، وذلك أن الراوي لم يذكر جوربين ولا خفين، فلا يجب أن يدخل في الحديث ما ليس فيه، كما أنا لما سلمنا حديثك لم ننقض منه ما تضمنه، ولم تزد فيه شيئا يسهل سبيل دفاعك عن الاحتجاج به، ولو قلنا كما قلت إن النبي (صلى الله عليه وآله) توضأ ومسح على رجليه وقال: هذا وضوء لا يقبل الصلاة إلا به، ثم غسلهما بعد ذلك لكنا في صورتك وحالك في الزيادة في الأخبار، بل لو قلنا أنه غسل رجليه