إلى دليل للاضطرار دون الاختيار.
فقال: هذا لا معنى له، لأنه لم يكن النبي (صلى الله عليه وآله) في حال من الأحوال، قد أمر بوضوء لا يقبل الله صلاته إلا به، ثم نقل عنه إلى غيره، وإذا ثبت أن العبادة له كانت بوضوء استمر على الأحوال والأوقات، لم يلزم ما أدخلت علي من الكلام.
فقال الشيخ رحمه الله: وهذا أيضا مما لم يتأمل، وسبق إلى وهمك منه ما لم نقصده في الإلزام، وذلك إنا لم نرد بما ذكرناه في تخصيص وضوء النبي (صلى الله عليه وآله) الواقع منه في تلك الحال ما قدرت من أنه كان مفروضا عليه غسل الرجلين للوضوء دون ما سواه، وإنما أوردنا ذلك على التقدير.
فما أنكرت أن يكون غسل النبي (صلى الله عليه وآله) رجليه في ذلك الوضوء لإماطة نجس كان بهما، ففعل ذلك لما ذكرناه، دون إقامة فرض الوضوء للصلاة على انفراده مما سميناه، فيكون قوله (صلى الله عليه وآله) حينئذ: " هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به " مختصا بذلك الوضوء الذي دخل فيه فرض إماطة النجاسة عن الرجلين، دون ما عداه، وهذا خلاف ظنك الذي أطلت فيه الكلام.
فقال أبو جعفر: هذا أيضا غير لازم، إماطة (1) النجاسة لا يطلق عليها وضوء شرعي، وقول النبي (صلى الله عليه وآله): " هذا وضوء " لفظ شرعي يخص نوع الوضوء دون ما عداه.
فقال له: الأمر كما وصفت من أنه لا يطلق لفظ الوضوء إذا انفرد ذلك مما سواه، لكنه ما أنكرت أن يطلق ذلك على الوضوء المشروع إذا فعل في جملته إماطة نجاسة عن الجسد أو الابعاض، ولو لم تمط في حال الوضوء أو معه،