فيجب إذا كنت تعمل بأخبار الآحاد أن تنقاد إلى ما تقتضيه، ولا تلجأ في إطراح العمل بها، إلى القول بإنك لا تعرفها، فيسقط بذلك عن خصمك قبول ما ترويه إذا لم يعرفه، وهذا إسقاط لنفس احتجاجك، واجتناب لأصله.
فقال أبو جعفر: الحديث في أنه توضأ بالماء ثلاثا فلا أعرفه إلا فيما رويته أنا، وأما الرواية عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه توضأ ومسح على رجليه، فقد ثبتت، لكنها لم تزد على الرواية بأنه بال.
وليس يمتنع أن يتوضأ الإنسان وضوءا يمسح فيه رجليه، ويكون وضوءه ذلك عن غير حدث، كما روينا عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه توضأ ومسح على رجليه، وقال: " هذا وضوء من لم يحدث " (1).
فقال الشيخ رحمة الله عليه: طالبناك بالإنصاف في أخبار الآحاد التي رواها أصحابك، لاحتجاجك بها، لا سيما مع تدينك بإيجاب العمل بها، وأريناك أن دفاعك لها يبطل احتجاجك على خصومك، وقد مر عليه، فأجبنا إلى ذلك، ثم قبلت أخبارا رويتها أنت من ذلك، ودفعت ما رويناه، وهذا رجوع إلى الأول في التحكم والمناقضة.
وبعد فإن أكثر الذي رويته عن النبي (صلى الله عليه وآله) في مسح الرجلين يكفي في الحجة عليك، وتأولك له بأنه وضوء عن غير حدث يقابله أن غسل النبي (صلى الله عليه وآله) رجليه في