فقال له السائل: ما أنكرت على من قال: إنه لا حجة لك في الخبر، لأنه من أخبار الآحاد، لا يوجب علما ولا عملا.
فقال له أبو جعفر: أخبار الآحاد عندي موجبة للعمل، وإن لم تكن موجبة للعلم، وأنا إنما أبني الكلام على أصلي دون أصل المخالف، وتردد الكلام بينه وبين السائل في هذا المعنى ترددا يسيرا.
فقال الشيخ أبو عبد الله رضي الله عنه: أنا أسلم لك العمل بأخبار الآحاد تسليم نظر، وإن كنت لا أعتقد ذلك، استظهارا في الحجة، وأبين أنه لا دليل لك في الخبر الذي تعلقت به، على ما تذهب إليه من فرض غسل الرجلين في الوضوء.
وذلك: إن قول النبي (صلى الله عليه وآله) إن صح عنه -: " هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به " مختص الحكم بذلك الوضوء، الذي أشار إليه بقوله: " هذا " دون ما عداه من غيره، أو فعل نفسه؟
فالحكم بإيجاب ذلك، في أفعال غيره وأفعال نفسه، لمن بعد، حكم جائز لا حجة عليه.
فلم يبين أبو جعفر معنى هذا الكلام، وقال - على ظن منه خلاف المراد فيه -: الوضوء اسم للجنس المشروع منه، والتعلق بحكمه على العموم حقيقة لا مجاز.
فقال له الشيخ: هذا كلام من لم يتأمل معنى ما أوردته عليه، وليس العبارة بالوضوء، عن جنس مشروع يمنع مما ألزمتك في التعلق بقول النبي (صلى الله عليه وآله)، وثبت