مناظرات في العقائد والأحكام - الشيخ عبد الله الحسن - ج ٢ - الصفحة ١٩٥
المناظرة الثانية والعشرون مناظرة التيجاني مع السيد الصدر (قدس سره) في حكم الجمع بين الصلاتين (1) قال الدكتور التيجاني في معرض حديثه عن مسألة جواز الجمع بين الصلاتين: وأنا أتذكر بأن أول صلاة جمعت فيها بين الظهر والعصر كانت بإمامة
(١) مسألة الجمع بين الصلاتين من المسائل التي اختلفت فيها آراء المذاهب الإسلامية، وذلك مع وضوح دليل جواز الجمع في كتب الجمهور ورووا أن النبي (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، من غير سفر ولا خوف ولا مطر، ومع ذلك قد شنع على الشيعة الإمامية في مسألة الجمع إذ عملوا بسنة النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته، أضف إلى ذلك ما ثبت عن بعض الصحابة في جواز ذلك كما في كتب الصحاح، مع أن المذاهب الإسلامية يرون جواز الجمع بين الظهر والعصر في عرفة ويسمى جمع تقديم، وبين المغرب والعشاء في مزدلفة ويسمى جمع تأخير، وإنما الخلاف هو في مسألة الجمع بدون عذر السفر وغيره من سائر الأعذار.
فأما المالكية، عندهم أن أسباب الجمع هي السفر والمرض والمطر والطين مع الظلمة في آخر الشهر، ووجود الحاجبعرفة أو مزدلفة.
وأما الشافعية، قالوا: بجواز الجمع بين الصلاتين جمع تقديم أو تأخير للمسافر مسافة القصر، ويجوز جمعها جمع تقديم فقط بسبب نزول المطر.
وأما الحنفية، قالوا: لا يجوزالجمع بين صلاتين في وقت واحد لا في السفر ولا في الحضر بأي عذر من الأعذار إلا في حالتين.
الأولى: يجوز جمع الظهر والعصر في وقت الظهر جمع تقديم بشروط أربعة، منها أن يكون ذلك في يوم عرفة.
الثانية: يجوز جمع المغرب والعشاء في وقت العشاء جمع تأخير بشرطين: أن يكون ذلك بالمزدلفة، وأن يكون محرما بالحج، وكل صلاتين لا يؤذن لهما إلا أذان واحد، وإن كان لكل منهما إقامة واحدة.
وأما الحنابلة، قالوا بجواز الجمع المذكور تقديما وتأخيرا فإنه مباح ولكن تركه أفضل، وإباحة الجمع عندهم لا بد أن يكون بأحد الأعذار التالية كأن يكون المصلي مسافرا أو مريضا تلحقه مشقة بترك الجمع، أو امرأة مرضعة أو مستحاضة وللعاجز عن الطهارة بالماء أو التيمم لكل صلاة، وللعاجز عن معرفة الوقت كالأعمى والساكن تحت الأرض، ولمن خاف على نفسه أو ماله أو عرضه، ولمن خافضرر يلحقه بتركه في معيشته، وفي ذلك سعة للعمال الذين يستحيل عليهم ترك أعمالهم. راجع: كتاب الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري: ج 1 ص 483 - 487.