الرؤوس، أوجب المسح الذي أوجبه الجر، فكان مستعملا للقرائتين جميعا غير مبطل لشئ منهما، ومن استعملهما فهو أسعد ممن استعمل أحدهما.
فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون استعمال القرائتين إنما هو بغسل الرجلين وهو أحوط في الدين، وذلك أن الغسل يأتي على المسح ويزيد عليه، فالمسح داخل فيه، فمن غسل فكأنما مسح وغسل، وليس كذلك من مسح، لأن الغسل غير داخل في المسح.
قلنا: هذا غير صحيح، لأن الغسل والمسح فعلان، كل واحد منهما غير الآخر، وليس بداخل فيه، ولا قائم مقامه في معناه الذي يقتضيه.
ويتبين ذلك أن الماسح كأنه قيل له: اقتصر فيما تتناوله من الماء على ما يندى به العضو الممسوح، والغاسل كأنه قيل له: لا تقتصر على هذا القدر، بل تناول من الماء ما يسيل ويجري على العضو المغسول.
فقد تبين أن لكل واحد من الفعلين كيفية يتميز بها عن الآخر، ولولا ذلك لكان من غسل رأسه فقد أتى على مسحه، ومن اغتسل للجمعة فقد أتى على وضوئه، هذا مع إجماع أهل اللغة والشرع على أن المسح لا يسمى غسلا، والغسل لا يسمى مسحا.
فإن قيل: لم زعمتم ذلك؟ وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن معنى قوله سبحانه: * (فطفق مسحا بالسوق والأعناق) * (1) إلى أنه أراد غسل سوقها وأعناقها، فسمى الغسل مسحا.
قلنا: ليس هذا مجمعا عليه في تفسير الآية، وقد ذهب قوم إلى أنه أراد