مناظرات في العقائد والأحكام - الشيخ عبد الله الحسن - ج ١ - الصفحة ٥٤٢
مفتي الجماعة الإسلامية، وكان اللقاء في مسجدهم ب‍ " بومباي " وبدعوة منهم.
وما أن حللت بينهم حتى بدأ الازدراء والتهكم والسب واللعن لشيعة آل البيت (عليهم السلام) وقد أرادوا بذلك استفزازي وإثارتي، لعلمهم مسبقا بأني قد ألفت كتابا يدعو للتمسك بمذهب أهل البيت - سلام الله عليهم - ولكني فهمت قصدهم، وتمالكت أعصابي وابتسمت لهم قائلا: أنا ضيف عندكم وأنتم الذين دعوتموني فجئتكم مسرعا ملبيا، فهل دعوتموني لتسبوني وتشتموني، وهل هذه هي الأخلاق التي علمكم إياها الإسلام؟؟
فأجابوني بكل صلافة، بأني لم أكن يوما في حياتي مسلما لأنني شيعي، والشيعة ليسوا من الإسلام في شئ، وأقسموا على ذلك.
قلت: اتقوا الله يا إخوتي، فربنا واحد ونبينا واحد وكتابنا واحد وقبلتنا واحدة، والشيعة يوحدون الله ويعملون بالإسلام اقتداءا بالنبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)، وهم يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويحجون بيت الله الحرام، فكيف يجوز لكم تكفيرهم؟؟
أجابوني: أنتم لا تؤمنون بالقرآن، أنتم منافقون تعملون بالتقية، وإمامكم قال: التقية ديني ودين آبائي (1)، وأنتم فرقة يهودية أسسها عبد الله بن سبأ اليهودي (2).

(١) تقدمت تخريجاته.
(٢) هذه الفرية.. ألصقها أعداء الشيعة فيهم ليخرجوهم عن الإسلام ويكرهوا الناس فيهم!! ومما لا مرية فيه أنهم يعلمون جزما براءة الشيعة من هذه الدعوى الكاذبة المزيفة، والتي لا أساس لها إلا كراهيتهم لهذا المبدأ القويم الذي أسس مبادئه النبي الكريم صلى الله عليه وآله، وهو الذي دعى إليه وشيد أركانه، وإن شئت فأقرأ ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله فيهم، ومن ذلك قوله لأمير المؤمنين:
١ - إنك ستقدم على الله أنت وشيعتك راضين مرضيين. (مجمع الزوائد: ج ٩ ص ١٣١، النهاية لابن الأثير ج ٤ ص ١٠٦).
٢ - أنت أول داخل الجنة من أمتي، وأن شيعتك على منابر من نور مسرورون مبيضة وجوههم حولي، أشفع لهم فيكونون غدا في الجنة جيراني (مجمع الزوائد: ج ٩ ص ١٣١، كفاية الطالب: ص ١٣٥).
٣ - يا علي، إن الله قد غفر لك ولذريتك ولولدك ولأهلك ولشيعتك ولمحبي شيعتك (الصواعق: ١٦١، ٢٣٢، ٢٣٥).
٤ - أنت وشيعتك في الجنة (تاريخ بغداد: ج ١٢ ص ٢٨٩).
٥ - إذا كان يوم القيامة دعي الناس بأسمائهم، وأسماء أمهاتهم سترا من الله عليهم إلا هذا - يعني عليا عليه السلام - وشيعته فإنهم يدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم لصحة ولادتهم (مروج الذهب: ج ٢ ص ٤٢٨ دار الأندلس، و ج ٣ ص ٦ ط السعادة بمصر).
وإن أردت المزيد في ذلك فراجع ما رواه المفسرون في قوله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) فقد رووا قول النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: هم أنت وشيعتك. (راجع: الدر المنثور في تفسير الآية الكريمة).
فبعد هذا كله هل تجد مسوغا لأحد أن يتفوه بالزور والباطل في حق من امتدحهم النبي صلى الله عليه وآله وبشرهم بموالاتهم أمير المؤمنين عليه السلام، ودعاهم للتمسك به والاعتصام بحبل ولائه، إذن ما هو ذنبهم بعدما قامت عندهم الحجة البالغة التي تأخذ بأعناقهم حتى يتفوه عليهم كل أفاك أثيم بالقول الباطل والبهتان؟ كأن لم يكن عندهم شغل شاغل في الحياة الدنيا إلا أن التعرض للفرقة الناجية بالسوء والقدح فيهم.
وهنا أترك للقارئ الكريم أن يقرأ مقالة الحق التي جاءت على لسان واحد من ناصريه وهو العلامة الأميني عليه الرحمة في رده على ابن حزم الذي كال التهم إلى الشيعة الإمامية بلا تثبت فيما كتبه عنهم! قال عليه الرحمة:
نعم ذنبهم الوحيد الذي لا يغفر عند ابن حزم أنهم يوالون عليا أمير المؤمنين عليه السلام وأولاده الأئمة الأمناء صلوات الله عليهم اقتداء بالكتاب والسنة، ومن جزاء ذلك يستبيح صاحب الفصل من أعراضهم ما لا يستباح من مسلم، والله هو الحكم الفاصل.
وأما ما حسبه من أن مبدء التشيع كان إجابة ممن خذله الله لدعوة من كاد الإسلام، وهو يريد عبد الله بن سبأ الذي قتله أمير المؤمنين عليه السلام إحراقا بالنار على مقالته الإلحادية وتبعته شيعته على لعنه والبراءة منه.
فمتى كان هذا الرجس من الحزب العلوي حتى تأخذ الشيعة منه مبدءها القديم؟! وهل تجد شيعيا في غضون أجيالها وأدوارها ينتمي إلى هذا المخذول ويمت به؟! لكن الرجل أبى إلا أن يقذفهم بكل مائنة وشائنة، ولو استشف الحقيقة لعلم بحق اليقين أن ملقي هذه البذرة - التشيع - هو مشروع الإسلام صلى الله عليه وآله يوم كان يسمى عليا عليه السلام بشيعته ويضيفهم إليه ويطريهم ويدعوا أمته إلى موالاته واتباعه.
ولتفاهة هذه الكلمة لا نسهب في رده ونقتصر على كلمة ذهبية للأستاذ محمد كرد علي في خطط الشام: ج ٦ ص ٢٤٦ قال: أما ما ذهب إليه بعض الكتاب من أن أصل مذهب التشيع من بدعة عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء فهو وهم!! وقلة علم بتحقيق مذهبهم! ومن علم منزلة هذا الرجل عند الشيعة وبرائتهم منه ومن أقواله وأعماله وكلام علمائهم في الطعن فيه بلا خلاف بينهم في ذلك، علم مبلغ هذا القول من الصواب.
الغدير: ج ٣ ص ٩٤ - 95، ولتقف أيضا على المزيد من حقيقة هذا الافتراء راجع: ج 8 ص 380 - 382، و ج 9 ص 218 - 222.
(٥٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 535 536 537 539 541 542 544 545 546 547 548 ... » »»
الفهرست