هنا صرخ الشيخ بعدما سقطت حجته، وأخذ يضربني بيده ويهزني شمالا ويمينا: أنت تريد أن تضعف الحديث، وأنت من حتى تضعفه... حتى خرج عن حدود المعقول، وأخذ الجميع يندهش من حركاته وتصرفه هذا.
قلت: يا شيخ! هنا مقام مناقشة ودليل، وهذا الأسلوب الغريب الذي تتبعه لا يجدي، وقد جلست أنا مع الكثير من علماء الشيعة، ولم أر مثل هذا الأسلوب أبدا، قال تعالى: * (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) * (1)... وبعد هذا، هدأ قليلا من ثورته.
قلت: أسألك يا شيخ: هل رواية مالك لحديث كتاب الله وسنتي، في الموطأ، ضعيفة أم صحيحة؟!
قال - بتحسر شديد -: ضعيفة.
قلت: فلماذا إذن، قلت: أن الحديث في الموطأ، وأنت تعلم أنه ضعيف؟
قال - رافعا صوته -: إن للحديث طرق أخرى.
قلت للحضور: قد تنازل الشيخ عن رواية الموطأ، وقال: إن للحديث طرق أخرى، فلنسمع منه هذه الطرق.
... هنا أحس الشيخ بالهزيمة والخجل، لأن ليس للحديث طرق صحيحة، وفي هذه الأثناء، تحدث أحد الجلوس، فوكزني الشيخ بيده، وقال لي وهو مشيرا إلى المتحدث: إسمع له والتفت، يريد بذلك الهروب من السؤال المحرج الذي وجهته له.
أحسست منه هذا، ولكني أصررت وقلت: أسمعنا يا شيخ الطرق الأخرى