لباس السواد بالخضرة.
ففي عهده تمتعت الشيعة بنصيب كبير من حرية الرأي، وفي زمنه ازدادت المناظرات العقائدية والفلسفية، فأصبح لرجال الشيعة الحرية في إبداء آرائهم ومناظرة مخالفيهم، وقد اعترف المأمون بسبقهم الفكري والعقائدي. أما ما يخص الحائر الحسيني فقد أعاد المأمون موضع القبر المطهر، وبنى عليه بناء شامخا بقي حتى سنة 232 ه (1).
الحائر الحسيني في عهد المتوكل بقيت عمارة المأمون طيلة عهد المعتصم والواثق، والشيعة لا تزال في تلك الفترة تتمتع بنصيب وافر من الحرية في زيارة القبر الشريف، حتى تبوء المتوكل عرش الخلافة في سنة 232 ه، وفي عهده بدأ في تضييق الخناق على الشيعة، وقد حذا حذو جده الرشيد في متابعة العلويين والتنكيل بهم، فقد وصفه ابن الأثير فقال عنه: " وكان شديد البغض لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولأهل بيته، وكان يقصد من يبلغه أنه يتولى عليا وأهله، يأخذ المال والدم " (2).
ولم يكتف بذلك حتى امتدت أياديه الآثمة لتطال الضريح المقدس للحسين (عليه السلام)، ففي الفترة من 232 - 247 ه كان القبر الشريف عرضة للهدم والتخريب عدة مرات، مع إقامة المسالح على الطرق المؤدية إلى كربلاء للترصد، ومراقبة من يأتي لزيارته، وأمر بإنزال العقوبات الشديدة على من يخالف أمره.
وقد وصف أبو الفرج الأصفهاني هذه الفترة بقوله: " وكان المتوكل شديد