المعارضة الشديدة التي أبداها أهل السواد ضدهم، كما نستخلص منها أيضا بأن القبر قد أعيد بناؤه بعد هدمه في سنة 237، ويظهر أيضا أن الناس الغيارى من شيعة آل البيت هم الذين أعادوا بناء القبر في تلك الفترة القصيرة.
لقد أصاب المتوكل الذهول، وهو يرى المشهد المقدس يزداد شموخا سنة بعد أخرى، كما أن عوامل الارهاب والخوف التي ابتدعها ضد زوار الحسين (عليه السلام) لم تجد نفعا، حتى صار مثلا لاستهجان وسخرية المسلمين " وكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان والمساجد " (1).
كما هجته الشعراء بقصائد لاذعة، (كما لتشنيعات زيد المجنون على المتوكل، وأعماله المفضوحة أثرها الفعال في نفس طاغية بني العباس، فارتدع مدة من الزمن من التعرض للقبر المطهر) (2).
بقي القبر الشريف محفوظا من انتهاكات المتوكل مدة عشر سنين، حتى فاض حقده الدفين على العلويين مرة أخرى، يغرونه ندماء السوء بالفتك بآل علي (عليه السلام)، فيذكر ابن الأثير " إنما كان ينادمه ويجالسه جماعة قد اشتهروا بالنصب والبغض لعلي، فيهم: علي بن الجهم الشاعر الشامي، من بني شامه بن لؤي، وعمر بن فرخ الرخجي، وأبو الشمط من ولد مروان بن حفصة، ومن موالي بني أمية، وعبد الله بن محمد بن داود الهاشمي المعروف بابن أترجه.
وكان يخوفونه من العلويين، ويشيرون عليه بإبعادهم، والإعراض عنهم، والإساءة إليهم، ثم حسنوا له الوقيعة في أسلافهم الذين يعتقد الناس علو منزلتهم في الدين، ولم يبرحوا به حتى ظهر منه ما كان، فغطت هذه السيئة جميع