الحائر الحسيني في عهد المنصور عندما تولى العباسيون السلطة، وتمكنوا من القضاء التام على خصومهم الأمويين، أرادوا التقرب إلى العلويين، وخصوصا في عهد السفاح الذي فسح المجال لزيارة قبر الحسين (عليه السلام)، فلم يزل البناء والمسجد والقبر المطهر بعيدا عن انتهاكات العباسيين في بداية دولتهم، لكن في زمن الخليفة المنصور صاروا يجاهرون بمعاداتهم للعلويين والتضييق عليهم، فنكل المنصور بآل الحسن، فمنهم من قتل ومنهم من هرب على وجه، متذرعا بالثورة عليه التي قام بها محمد بن عبد الله بن الحسن بالمدينة، وأخيه إبراهيم الذي ثار من بعده في البصرة.
كما أراد التخلص من بيعة كانت في عنقه لمحمد بن عبد الله بن الحسن الملقب (بالنفس الزكية). ولما انتهت هاتين الثورتين بالفشل تفرغ للتنكيل بآل علي (عليه السلام) فزج عددا كبيرا منهم في السجن، ثم تجاوز باعتداءاته على العلويين، حتى طالت القبر الشريف للإمام الحسين (عليه السلام)، وقبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ففي رواية صفوان الجمال، قال: " أخبرني مولى لنا، عن مولى لبني عباس، قال: قال لي أبو جعفر المنصور: خذ معك معولا وزنبيلا وامض معي، قال:
أخذت ما قال وذهبت معه ليلا، حتى ورد الغري فإذا بقبر، فقال: احفر، فحفرت حتى بلغت اللحد " (1).
لقد دفع المنصور حقده الدفين الذي يكنه لآل علي (عليه السلام)، لأنه يراهم أحق منه بخلافة المسلمين، وإن المجلس الذي أجلس فيه ما كان يأتيه إلا عن طريق شيعة أهل البيت في خراسان والكوفة، ودعوتهم في بداية أمرهم للرضا من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان المنصور نفسه يرى أحقيتهم في الخلافة، فسبق كما قلنا إنه بايع