السلطان، حتى تعلو منزلته عنده. لكن يظهر من تبريراته هذه أنه كان بعد هذه العملية موضعا للاستهزاء وسخرية الناس.
وبقي المتوكل يتميز غيظا وحقدا على آل المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو يتحين الفرص المناسبة لإفراغ حقده الدفين عليهم، وفي عام 237 ه، عندما بلغه أن أهل العراق يجتمعون لزيارة قبر الحسين (عليه السلام) فيصير إلى قبره خلق كثير، فأمر أحد قواده وجهزه بقوات من جيشه لتخريب القبر وتهديم المنازل التي حوله، لكن هذه المرة باءت محاولته بالفشل، حيث وقف الناس ضده، وتعاهدوا على مقاومة المعتدين على القبر الشريف، وعندما رأى أن الأمور لا تسير في صالحه أمر قواته بالانسحاب إلى الكوفة.
وقد روى الشيخ الطوسي في أماليه بسنده عن القاسم بن أحمد بن معمر الأسدي الكوفي - وكان له علم بالسير وأيام الناس - قال: " بلغ المتوكل أن أهل السواد يجتمعون بأرض نينوى لزيارة قبر الحسين (عليه السلام) فيصير إلى قبره منهم جماعة كثيرة، وخلق عظيم، فأنفذ قائدا من قواده، وضم إليه كنفا من الجند كثيرا ليشعث من قبره (عليه السلام)، ويمنع الناس من زيارته والاجتماع عنده.
فخرج القائد إلى الطف، وعمل ما أمر به، وذلك في سنة سبع وثلاثين ومائتين، فثار أهل السواد، واجتمعوا عليه، وقالوا: لو قتلنا عن آخرنا لما أمسك منا لزيارته، والاجتماع عنده، ورأوا من الدلائل ما حملهم على ما صنعوا، فكتب بالأمر إلى الحضرة، فورد كتاب المتوكل إلى القائد بالكف عنهم، والسير إلى الكوفة مظهرا أن مسيره إليها في مصالح أهلها والانكفاء إلى المصر " (1).
يظهر من هذه الرواية أن هدم القبر لم يكن بالقدر الكبير، لما رأوا من