سياسته تتسم باللين وحسن المعاملة، وكان يعطف على العلويين ويبرهم، وعلى الرغم من قصر مدة حكمه، كانت الشيعة تختلف على زيارة الحائر الحسيني بحرية تامة، وكان هذا الحال حتى بعد وفاته واستلام الرشيد لمقاليد الخلافة سنة 170 ه، لكن سرعان ما تغيرت سياسة الرشيد، فأعاد سياسة جده المنصور بالتضييق واستعمال البطش، والقسوة ضد العلويين، فزج الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) في السجن، ثم تآمر على قتله وهو في السجن عام 183 ه، ثم نقض العهد الذي أعطاه ليحيى بن عبد الله بن الحسن (أخو محمد ذو النفس الزكية) حينما ظهر بالديلم وقويت شوكته نتيجة سياسة الاضطهاد التي اتبعها الرشيد مع العلويين، وفي المدة الأخيرة من حكمه أي في سنة 187 ه، بدأت تظهر نواياه الخبيثة تجاه القبر الشريف، فقد عمد على كرب القبر المطهر، وقطع السدرة التي كانت بجانب القبر، ففي رواية يحيى بن المغيرة الرازي كما يرويها الشيخ الطوسي في أماليه، قال:
" كنت عند جرير بن عبد الحميد إذ جاءه رجل من أهل العراق، فسأله جرير عن خبر الناس، فقال: تركت الرشيد وقد كرب قبر الحسين (عليه السلام)، وأمر أن تقطع السدرة التي فيه فقطعت، قال: فرفع جرير يديه، وقال: الله أكبر قد جاءنا فيه حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: لعن الله قاطع السدرة ثلاثا، فلم نقف على معناه حتى الآن، لأن القصد بقطعه تغيير مصرع الحسين (عليه السلام) حتى لا يقف الناس على قبره (عليه السلام) " (1).
لقد حاول الرشيد العباسي أن يطمس آثار القبر، ويمحو رسمه، فكربه وقطع السدرة التي يستظل بها زائري القبر الشريف، ثم هدم الأبنية التي كانت تحيط به (2)، عندما رأى افتتان الناس بالقبر المقدس، وتهافتهم على زيارته، وهذا بالطبع