الوطأة على آل أبي طالب، غليظا على جماعتهم، مهتما بأمورهم، شديد الغيظ والحقد عليهم وسوء الظن والتهمة لهم، واتفق إن فتح بن خاقان وزيره كان سئ الرأي فيهم يحسن له القبيح في معاملتهم، فبلغ بهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله، وكان من ذلك كرب قبر الحسين (عليه السلام) وعفى آثاره ووضع على سائر طرق الزوار مسالح لا يجدون أحدا زاره إلا أتوا به فقتله أو أنهكه عقوبة " (1).
وكان ابتداء المتوكل في هدم القبر وتخريبه في سنة 233 ه، على أثر ذهاب جارية من جواريه لزيارة قبر الحسين (عليه السلام)، والحادثة كما رواها أبو الفرج الأصفهاني حيث ذكر: " إن بعض القينات كانت تبعث بجواريها إلى المتوكل قبل الخلافة يغنين له إذا شرب، فلما بعث إلى تلك المغنية فعرف أنها غائبة، وكانت قد زارت قبر الحسين (عليه السلام)، وبلغها خبره فأسرعت في الرجوع وبعثت إليه بجارية من جواريها كان يألفها، فقال لها: أين كنتم؟ قالت: خرجت مولاتي إلى الحج فأخرجتنا معها، وكان ذلك في شعبان. فقال: أين حججتم في شعبان؟ فقالت: إلى قبر الحسين (عليه السلام)، واستطار غضبا وأتى بمولاتها. فحبست واستصفى أملاكها، وبعث برجل من أصحابه - يقال له الديزج كان يهوديا فأسلم - إلى قبر الحسين (عليه السلام)، وأمره بكرابه وحفره، وإضراب كل ما حوله. فمضى لذلك وضرب ما حوله، وهدم البناء، وكرب ما حوله نحو مائتي جريب، فلما بلغ إلى قبره لم يتقدم إليه أحد، فأحضر قوما من اليهود فكربوه وأجرى الماء حوله، ووكل به مسالح على سائر الطرق بين كل مسلحتين ميل، لا يزوره زائر إلا أخذوه ووجه به إليه فقتله أو أنهكه عقوبة " (2).