كان يغيظ الرشيد ولا يروق له، ثم أخذ يتعقب العلويين تحت كل حجر ومدر، وكان يعترف بأعماله الشائنة هذه، فكان يقف على قبر أمير المؤمنين علي (عليه السلام) فيقول:
" أنا والله أعرف فضلك وسابقتك، وبك والله جلست مجلسي الذي أنا فيه، وأنت أنت، ولكن ولدك يؤذونني ويخرجون علي " (1).
وفي رواية عبد الله بن حازم بن خزيمة، قال: خرجنا مع الرشيد من الكوفة نتصيد، فصرنا إلى ناحية الغريين والثوية وذكر نحو المتن، ثم قال: إن أمير المؤمنين خرج إلى الرقة وأنا معه، فقال ذات ليلة ونحن بالرقة بعد سنة: يا ياسر تذكر ليلة الغريين؟ قلت: نعم، يا أمير المؤمنين، قال: أتدري قبر من ذاك؟ قلت:
لا، قال: قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فقلت: يا أمير المؤمنين تفعل هذا بقبره وتحبس أولاده! فقال: ويلك، إنهم يؤذونني ويحوجوني إلى ما أفعل بهم " (2).
لقد كان العباسيون يعترفون بفضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وسابقته في الإسلام، وأن عرش الخلافة الذي تبوؤا مقعده لا يمكن أن يصير إليهم إلا من طريق علي وآل علي (عليه السلام) حيث استغلوا عواطف الشيعة تجاه البيت العلوي، فبثوا دعاتهم بين أوساطهم، بحجة إعادة الأمر إلى أصحابه الشرعيين، والدعوة إلى الرضا من آل محمد، ثم استحوذوا على مقاليد الحكم، وبعد ذلك عاثوا في الأرض فسادا، وكان للعلويين في عهدهم نصيب كبير من الاضطهاد والجور، حتى قبورهم لم تسلم من العبث والتخريب. ففي بداية الأمر أراد الرشيد التنكيل بالخدم والسدنة