البنت الوحيدة لأعظم نبي، وهي ليست امرأة عادية، بل هي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها، ولسوف تذكرهم أجواء الحزن، والانكسار المهيمنة على جو ذلك البيت وعلى الزهراء عليها السلام بما ارتكبه الحكام وأعوانهم في حقها فور دفن أبيها الذي لم يحضر المهاجمون دفنه، ولم يهتموا بتجهيزه، وهو الذي أخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن الموت إلى الحياة، فقد قال لهم علي (ع): " كنتم على شر دين وفي شر دار، تشربون الكدر، وتأكلون الجشب (1) "، فهم بدلا من تعزيتها، والتكريم والتعظيم لها، واجهوها لا بالكلمة اللاذعة وحسب، بل بالقول وبالفعل الكاسر والجارح، إذن، فلن تكون رؤية الناس للزهراء في كل يوم حزينة منكسرة في صالح الهيئة الحاكمة في أي حال حتى ولو سكتت الزهراء، ولم تبك ولم تندد بمن ظلمها، وهتك حرمتها.
إن كل من يأتي إلى المسجد فيراها مكبوتة ومتألمة، وغير مرتاحة ومنزعجة، ثم يذهب ليجلس في مجلس الخليفة على بعد أمتار يسيرة منها سيبقى يشعر بأذاها وبمأساتها، وبما جرى عليها، وسوف يستيقظ ضميره في نهاية الأمر.
إذن فجلوسها الحزين ومرارتها عليها السلام ستقض مضاجع هؤلاء الحكام، وسيربكهم ذلك إلى درجة كبيرة وخطيرة وسيندم الكثيرون على ما فرط منهم من تقصير في حقها عليها السلام، لأن بكاءها ومرارتها وحزنها يوقظ الضمائر ويثير المشاعر، ويهيج بلابل الناس، وللناس عواطفهم وأحاسيسهم، وسيضعف ذلك من سلطة الحكام ونفوذهم، وهم إنما يحكمون الناس باسم أبيها، ومن خلال