ولم يصل إلينا إلا ما أفلت من براثنهم حيث حمله إلينا فدائيون حقيقيون تاجروا مع الله سبحانه بدمائهم، وبكل غال ونفيس، تماما كما أفلت إلينا من براثن المستكبرين الحاقدين الكثير الطيب، بل بحر زاخر من فضائل ومواقف وجهاد علي عليه السلام، حتى حديث الغدير، وحديث الثقلين وحديث أهل بيتي كسفينة نوح وحديث المنزلة، - لقد أفلت ذلك كله - من براثنهم رغم كل الجراح، ورغم كل الدماء النازفة ورغم كل الآلام.
لقد أفلت إلينا مثخنا بالجراح، غارقا بالدماء، مرهقا بالآلام..
ليجسد لنا بعمق وبصدق حقيقة اللطف والرعاية الإلهية للأمة وللأجيال، ولهذا الدين.
فإن كل دعوة حاربها الحكام ما لبثت أن تلاشت واندثرت إلا دعوة الحق، فإنها قد استمرت واحتفظت بأصالتها، وبمعالمها رغم مرور مئات السنين على هذه الحرب الساحقة الضروس، رغم أنها تتحدى الحكام في أساس حاكميتهم، وفي شرعيتهم، إذ أن عقيدتها بالإمام هي رفض للشرعية، واتهام للحكام بالغاصبية وبالظلم، وبمحاربة تعاليم الله ورسوله (ص) وأدل دليل على ذلك كله وعلى إرادة التبرير والتزوير والتجني وعلى اللطف الإلهي بحفظ الحق هو كل ما يرتبط بمقام علي (ع) وبمظلومية الزهراء (ع) التي قدمها رسول الله (ص) على أنها المعيار للحق وللباطل، وهذا ما جعل دورها عليها السلام بعد وفاته (ص) مؤثرا وفاعلا، حاسما وقويا، عرف به الصحيح من السقيم والمحرف والمزيف، من السليم والقويم.