والنموذج والمثل الأعلى لكل نساء العالمين، بعد مسيرة طويلة للإنسانية، كمل فيها عدد من النساء حتى كانت فاطمة ذروة هذا الكمال. وكما تجسد الإنسان الكامل بآدم عليه السلام أولا ليكون واقعا حيا، يعيش إنسانيته بصورة متوازنة، لا عشوائية فيها، يعيشها بكل خصائصها وميزاتها، وبكل خلوصها وصفائها وطهرها، وبكل طاقاتها: فكرا، وعقلا، وأدبا، وحكمة، وتدبيرا، حتى كان أسوة وقدوة للبشر كلهم من حيث هو آدم النبي والانسان، لا آدم التراب من حيث هو تراب، بل التراب الذي أصبح إنسانا كاملا بما لهذه الكلمة من معنى.
واستمرت المسيرة نحو الكمال في الإنسانية، فكمل رجال أنبياء (ع) كثيرون، وكملت أيضا نساء، مثل آسية بنت مزاحم، ومريم، وخديجة (ع)، ثم بلغ الكمال أعلى الذرى في رسول الله صلى الله عليه وآله، الرجل، وفي الزهراء المرأة، ولم تستطع أهواء النفس وشهواتها، وكذلك الطموحات والغرائز وغير ذلك من مغريات وتحديات، بالإضافة إلى الضغوطات البيئية والاجتماعية وغيرها، ثم بغي وجبروت الطواغيت، لم يستطع ذلك كله أن يمنع الإنسان من أن يجسد إنسانيته، ويعيش حياة الإيمان، وحياة الكمال والسلام الشامل.
وكانت أسوة بني البشر وقدوتهم هذه النماذج الماثلة أمامهم التي استطاعت أن تقنع الإنسان بأن عليه أن يتحدى، وأن يواجه، وأن يقتحم، وأن باستطاعته أن ينتصر أيضا، ومثله الأعلى هم الأنبياء والأولياء بدءا من آدم، وانتهاء برسول الله (ص) وأهل بيته الطاهرين، فهو لا يتلقى الفكرة فقط، بل هو يرى الحركة والموقف في الرسول والوصي، والولي.