فتكلم في ذلك الناس، فقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني أمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي، فقال فيه قائلكم، وإني والله ما سددت شيئا ولا فتحته، ولكن أمرت بشئ فاتبعته. ومثله ذكر المحب الطبري في (ذخائر العقبى) والكنجي الشافعي في (كفاية الطالب) وفي (المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 134 قال ابن عباس: وسد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبواب المسجد غير باب علي، فكان يدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره... قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة.
وقال الحافظ علي بن حسن الشافعي في أماليه: وبالإسناد عن ميمون الكردي قال:
كنا عند ابن عباس (رضي الله عنه) فقال له رجل: حدثنا عن علي (عليه السلام)، فقال: أما لأحدثنك حقا أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمر بسد الأبواب الشارعة في المسجد، فسدت إلا باب علي، فكأنهم وجدوا في ذلك، فأرسل إليهم أنه بلغني أنكم وجدتم من سدي أبوابكم وتركي باب علي، فإني والله ما سددته من قبل نفسي، إن أنا إلا عبد مأمور، أمرت بشئ ففعلت إن أتبع إلا ما يوحى إلي.
الرضوي: وحديث ميمون هذا، وكذا حديث زيد بن أرقم قبله يؤكد أن وجود منافقين وضعفاء في الإيمان في صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لذلك نرى من يسترجع منهم عندما أمر الرسول بسد الأبواب إلا باب علي (عليه السلام)، ومنهم من تكلم في ذلك، ومنهم من وجد من ذلك، ولو كانوا مؤمنين به حقا لما فاه واحد منهم بشئ من ذلك لعلمه بأن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) (1).
قال الله تعالى وهو يصف المؤمنين الصادقين في إيمانهم بقوله (فلا وربك لا يؤمنون) لا يدخل الإيمان في قلوبهم (حتى يحكموك) يجعلوك حكما (فيما شجر بينهم) فيما اختصموا فيه (ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا) ضيقا (مما