وقد أفصح لنا عزل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا بكر عن إبلاغ براءة إلى أهل مكة إنه ليس منه، والله تعالى يقول (فمن تبعني فإنه مني) (1) فمن لم يكن من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا يليق لما فوض إليه من الابلاغ عنه. في حياته كيف يليق للخلافة عنه بعد وفاته ما لكم لا تتفكرون؟
ومن إرساله (صلى الله عليه وآله وسلم) إمامنا عليا (عليه السلام) عوضا عن أبي بكر علمنا لياقته (عليه السلام) للنيابة عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في إبلاغ أحكام الشريعة الإسلامية المقدسة فهل من مدكر؟
فكان على كل مسلم صادق في انتحالته الإسلام، غير مقلد لليهود في اختيارهم الأدنى على الأفضل، أن يأخذ بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيعرف لإمامنا حقه عند الله ومنزلته عند رسوله، فلا يقدم عليه من هو دونه، تقليدا لليهود، فيخالف كتاب الله وسنة رسوله، والعقل السليم، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
قال الأستاذ أحمد حسن الباقوري المصري: وأمير المؤمنين علي لا يرتاب أحد في أنه أقدر الأمة على أداء الأمانة، والنهوض بأعباء الإمارة، بما توافر له من خصائص لم يشركه فيها أحد من قبل، ولن تتوافر في مبلغ ما نعلم لأحد من بعد، حتى يرث الله الأرض ومن عليها... (2).
وأضاف: إن بين سيرته وسيرة رسول الله تشابها يوحي بأن الله تعالى آثر للإمام أن يكون أقرب الناس إلى رسول الله، قرابة لحم ودم، وقرابة نفس وروح، وقرابة سيرة وتاريخ. ولكي تزداد ثقة بهذه الكلمة حاول أن توازن بين السيرتين، سيرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وسيرة الإمام علي كرم الله وجهه، وسوف ترى أن بين السيرتين تقاربا شديدا لا تخفى معالمه على من يفتح للحق قلبه، ويفسح للفكر مجاله... (3).