عليه المهاجرون والأنصار حين بلغهم أنه استخلف عمر، فقالوا: نراك استخلفت علينا عمر، وقد عرفته وعلمت بوائقه فينا (1) وأنت بين أظهرنا، فكيف إذا وليت عنا، وأنت لاق الله عز وجل فسائلك فما أنت قائل؟
فقال أبو بكر: لأن سألني الله لأقولن استخلفت عليهم خيرهم في نفسي (2).
الرضوي: ذكروا أن عمر هو أول من بايع أبا بكر على الخلافة في سقيفة بني ساعدة، وهو الذي أبرم الأمر له وأحكمه. وشدد في أخذ البيعة له من المسلمين بالقوة والإكراه، وهدد المتخلف عنها بالقتل، وبإحراق بيته عليه، وإن كان من أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كما تقدم الحديث في ذلك.
فطبيعة الحال تفرض على أبي بكر أن ينص على عمر بالخلافة من بعده، وإن استلزم ذلك مخالفة سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حسب زعمه أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مضى ولم ينص على أحد بالخلافة من بعده، واستلزم كراهية المسلمين أيضا. فيقول في رد اعتراض المهاجرين والأنصار عليه في ذلك: (خيرهم في نفسي).
عبد الرحمن بن أبي بكر يقول: جاء أبو بكر بضيف له، أو بأضياف له، فأمسى عند النبي (صلى الله عليه وسلم) فلما جاء قالت أمي: احتبست عن ضيفك، أو أضيافك الليلة.
فقال: ما عشيتهم؟ فقالت: عرضنا عليه، أو عليهم فأبوا، أو فأبى. فغضب أبو بكر، فسب وجدع (3) وحلف لا يطعمه (4) وسيأتي عن المقدام إنه كان سبابا.
عبد الرحمن بن علي (ابن الجوزي الحنبلي) (5) يقول: قال علماء السير: وكان أبو بكر