صفات الله عند المسلمين - حسين العايش - الصفحة ٧٨
فبسبب الماء تخرج الأرض زرعها كما تصرح الآية، إذن القول بالتوحيد الأفعالي لا يعني إلغاء مبدء السببية كما يقول الأشاعرة لأن ذلك يجرنا أن ننسب أفعال الناس إلى الله لأنه لا مؤثر سواه، بينما القبول بمبدأ السببية، والقول بتأثير العلل بإذن الله يجعلنا نتخلص من الإشكال القائل بأن الشر صدر من الله، والحال أن القرآن يصرح بأن الشر من نفس الإنسان والخير من الله تعالى (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) (النساء: آية 79).
وأما الآيات الدالة على أنه كل من عند الله كقوله تعالى (وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك) (النساء: 78).
وإن ما يفعله الإنسان مخلوق بقوله (والله خلقكم وما تعملون) فهي بصدد الرد على من يزعم أن الله ليس له تأثير في الأفعال كما ذهب إلى ذلك المعتزلة، لأن الله تعالى نسب هذه الأعمال الصادرة من الإنسان إلى الله ونسب الخلق له (الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل) (الزمر: آية 63). من حيثية أخرى تغاير الحيثية المتقدمة لأن من يقول إن الشر صدر من الإنسان وهم الشيعة لا يدعون أن القدرة من الإنسان بل القدرة من الله تعالى، فالله أعطى الإنسان القدرة إلا أنه أعطاه الاختيار مع القدرة أي جعله قادرا مختارا، ولكن هذه القدرة من الله لأن الإنسان مخلوق له والآيات الدالة على صدور كل شئ من الله ناظرة إلى القدرة (3) أي كل شئ إذا نظر إليه من حيث القدرة فهو من الله ولكن من حيث الاختيار فهو من الإنسان، ولذا يكون الله قادرا على إيقاف الإنسان عند حده لو أراد إيقافه وهذا خلاف ما ذهبت إليه اليهود حيث قالوا يد الله مغلولة والله سبحانه ردهم بقوله (بل يداه مبسوطتان) (المائدة: آية 64).
إذن القول بصدور الأفعال الغير جيدة من الإنسان باعتباره مختار فيمكنه بالاختيار صرف القدرة التي أعطى إياها من الله إلى شئ آخر، وهذا ما يشير إليه القرآن بقوله تعالى (إنا هديناه النجدين إما شاكرا وإما كفورا) فما يصدر منه فهو
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 » »»
الفهرست