صفات الله عند المسلمين - حسين العايش - الصفحة ٧٤
وحاول بعض أن يقرب الفكرة بأن الله مجرد وعلمه بالأشياء بالعلم الحضوري لا الحصولي فبالتالي لا تخفى عليه الجزئيات (1).
وهناك قول بأن العلم الإلهي له مرتبتان، الأولى هي العلم بالأشياء قبل إيجادها في مرتبة الذات، والثانية هي العلم بالأشياء بعد إيجادها وهو فعله (2).
وهذا التعبير أو ما يقرب منه توجد روايات تدل عليه. إن علم الله تعالى علمان ولكنه لا يحل الإشكال بالتأمل الدقي أي لا يرينا بنحو واضح كيفية تعلق علمه بالمعلومات المغايرة له تعالى، والسبب أن معرفة العلم الإلهي من أدق مباحث علم الكلام والفلسفة. ولذا بعضهم أنكر حتى علمه بذاته بحجة أن العلم نسبة بين العالم والمعلوم وعلم الذات بنفسها لا تغاير فيه حتى تتحقق النسبة، وقد أجيب على هذه الشبهة بجواب يشبه الأجوبة المتقدمة (في علمه تعالى بالجزئيات) غير أن الحق في الجواب عن هذه الشبهات بنحو الاقناع يتوقف على استذكار ما تقدمت الإشارة إليه بنحو الاجمال من أن الصفات الذاتية كالعلم والقدرة والحياة هي الذات المقدسة. وإذا كان علمه تعالى هو ذاته وذاته هي علمه مع أن الذات المقدسة لا تدرك بكيف ولا تؤين بأين (3) ولا يقال فيها لم ومتى كما جاء في الأحاديث المتواترة التي تقدمت الإشارة إلى بعضها.
وهو أجل من أن يحيط به بصر أو يحيط به وهم أو يضبطه عقل (4) وأنه تعالى لا يعرف بكيفوفية ولا بأينونية ولا يدرك بحاسة ولا يقاس بشئ (5).

(1) الإلهيات 120 - 125.
(2) الإلهيات ص 120.
(3) توحيد الصدوق ص 174 - 251.
(4) نفس المصدر ص 252.
(5) نفس المصدر ص 251.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 » »»
الفهرست