وأشد مراسا وأقوى إيمانا وأكثر صبرا.
وعاشت فاطمة بجنب الحسن المثنى إلى أن دس إليه الوليد بن عبد الملك من سقاه سما فمات وعمره ثلاث وخمسون سنة، ورأى في منامه قبل وفاته بقليل كأن بين عينيه مكتوب: قل هو الله أحد، فاستبشر بذلك أهله وفرحوا، فقال سعيد بن المسيب: إن كان رآها قلما بقي، فما أتى عليه إلا قليل حتى مات.
وقد صدمت فاطمة بوفاة زوجها صدمة عنيفة، وطعن قلبها بطعنة قاتلة، وتأثرت بها، وقد ملأ الحزن قلبها، فانتقلت إلى موضع قبر زوجها وضربت فسطاطا عليه، وكانت تقوم الليل وهي باكية إلى سنة، ولما كانت رأس السنة قالت لمواليها: إذا أظلم الليل فقوضوا هذا الفسطاط، فلما أظلم الليل وقوضوه سمعت قائلا يقول:
هل وجدوا ما فقدوا؟ فأجابه آخر: بل يئسوا فانقلبوا.
وبقيت فاطمة بعد وفاة زوجها الحسن المثني مدة من الزمن إلى أن خطبها عبد الله بن عمرو بن عثمان،