وأي خذلان أكبر من ترك علي بن أبي طالب عليه السلام وتجاوزه حتى ولو على مستوى المشورة وإشراكه في الرأي؟
ففرض النصرة يوجب أولا: عدم التجاوز للإمام. وثانيا: يوجب منع التجاوز. وثالثا: يوجب طاعة الإمام والوقوف معه بكل قوة مهما كان رأيه في الأمر، وأي رأي مقابل رأيه هو خذلان، وأكبر منه الاصرار على الخلاف له، وأكبر منه الاصرار على إبعاده عن الأمر ونصرة غيره عليه.
إن النصرة لم تكن محصورة في حالة الحرب حتى يقال: لم يحارب الإمام فلم تقع مخالفة لولاية النصرة، بل النصرة إذا وجبت بمثل هذا البيان الذين اتبعه الرسول صلى الله عليه وآله في خطبة الغدير تثبت في كل شئ في الموقف وفي الرأي وفي الحرب.
وتشتد هذه المعاني تبادرا إلى الذهن عند ملاحظة التعبير عن النصرة بالولاية لكون معنى الولاية أغنى من معنى النصرة وأوسع منه كما أسلفنا.
وكذلك تتحصل النتيجة لو كان المراد معنى: " من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه " وأن كلمة أولى مرادفة لكلمة مولى، لأن هذا اللسان يجعل كل فرد من المسلمين محكوما لولاية علي بن أبي طالب عليه السلام، فلا يجوز أن يتصرف بنفسه خلاف ما يريده الإمام، ولو على مستوى الموقف والرأي والتصدي لاستلام المسؤوليات.
ولكن مع ذلك ما ذكرناه هو المعنى الذي يستقيم مع السياق ومع المرتكز الذهني للولاية ولولاية الرسول صلى الله عليه وآله.
والدعاء وإن كان لا يضيف على المعنى شيئا ولم يكن تبادر المعنى متوقفا على وجوده ولكنه يؤكد المعنى ويحث على الالتزام والتمسك به،