إن استفهام الرسول صلى الله عليه وآله عن هذه الدرجة من الولاية له أبعاد وله أثره في تهيأة النفوس لتلقي العهد بالقبول والاذعان ولو مؤقتا وفي ذلك الموقف لأن المهم في تلك الساعة أن يمر تبليغ هذا الأمر العظيم بسلام دون ردود فعل عنيفة أو صارخة تؤثر سلبيا على الدين من حيث الأساس، لأن الاستفهام والجواب عليه يقطع الألسن في تلك اللحظة من اللغط والشغب، فالرسول صلى الله عليه وآله إنما يبلغ عن الله وضمن صلاحياته التي هي جزء من ولايته.
والولاية لم تكن أمرا جديدا، فالمسلمون يشهدون بثبوت أعلى درجاتها وهي كون النبي صلى الله عليه وآله أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وإذا ثبتت الدرجة العليا فمن باب أولى تثبت الدرجات الأقل منها، ومن ضمنها الولاية على الأمر المشترك بين المسلمين، فلا حاجة لتعداد درجات الولاية الأقل من هذه الدرجة.
ثم ننظر بالنص نفسه: " من كنت مولاه فعلي مولاه ".
إن التحول من صيغة الأولوية في المقدمة إلى هذه الصيغة فيه دلالات إيجابية أيضا.
فكلمة (المولى) أو كلمة (الولي) أوسع دائرة من كلمة أولى، وهي أساس لها أيضا، والأولوية واحدة من درجاتها، فإذا ذكر بالأولوية وذكر المعنى الأوسع ثبتت الأولوية تلقائيا.
إن النبي صلى الله عليه وآله كان ولي المؤمنين، وولايته عليهم فرع ولاية الله وذكرت معها في الآية الكريمة بلا فصل فهي طريق لولاية الله ومن خلالها تتجسد.