فقال له هاشم بن عتبة: يا هذا، إن الكلام بعده الخصام، وأن لعنك سيد الأبرار بعده عقاب النار، فاتق الله فإنك راجع إلى ربك فيسألك عن هذا الموقف وهذا المقام.
قال الفتى: إذا سألني ربي: قلت: قاتلت أهل العراق لأن صاحبهم لا يصلي كما ذكر لي، وأنهم لا يصلون، وأن صاحبهم قتل خليفتنا، وهم آزروه على قتله.
فقال له هاشم: يا بني، وما أنت وعثمان؟ إنما قتله أصحاب محمد صلى الله عليه وآله الذين هم أولى بالنظر في أمور المسلمين، وأن صاحبنا كان أبعد القوم عن دمه.
وأما قولك: إنه لا يصلي، فهو أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله، وأول من آمن به.
وأما قولك: إن أصحابه لا يصلون فكل من ترى معه قاري الكتاب، لا ينامون الليل تهجدا، فاتق الله واخش عقابه، ولا يغررك من نفسك الأشقياء المضلون.
قال الفتى: يا عبد الله، لقد دخل قلبي من كلامك وإني لأظنك صادقا صالحا، وأظنني مخطئا آثما، فهل من توبة؟
قال: نعم، ارجع إلى ربك، وتب إليه فإنه يقبل التوبة، ويعفو عن السيئات، ويحب التوابين ويحب المتطهرين.
فرجع الفتى إلى صفه منكسرا نادما، فقال له قوم من أهل الشام: خدعك العراقي، قال: لا، ولكن نصح لي العراقي.