فاقتتلوا قتالا شديدا وعمار ينادي: صبرا عباد الله، إن الجنة تحت ظلال البيض، وكان بإزاء هاشم وعمار " أبو الأعور السلمي " ولم يزل عمار بهاشم ينحني، وهو يزحف بالراية، حتى اشتد القتال وعظم، والتقى الزحفان فاقتتلا قتالا لم يسمع السامعون بمثله، وكثرت القتلى في الفريقين جميعا.
قال نصر: وحدثنا عمر بن سعد، عن الشعبي، عن أبي سلمة: إن هاشم بن عتبة استصرخ الناس عند " السلمة ": ألا من كان له إلى الله حاجة ومن كان يريد الآخرة فليقبل، فأقبل إليه ناس كثير، فشد بهم على أهل الشام مرارا، ليس من وجه يحمل عليه إلا صبروا له، فقاتل قتالا شديدا.
ثم قال لأصحابه: لا يهولنكم ما ترون من صبرهم، فوالله ما ترون منهم إلا حمية العرب، وصبرها تحت راياتها وعند مراكزها، وإنهم لعلى ضلال، وإنكم لعلى الحق، يا قوم، اصبروا وصابروا واجتمعوا وامشوا بنا إلى عدونا على تؤدة رويدا، واذكروا الله، ولا يسلمن رجل أخاه، ولا تكثروا الالتفات، واصمدوا صمدهم، وجالدوهم محتسبين، حتى يحكم الله بيننا وبينهم وهو خير الحاكمين.
قال أبو سلمة: فبينا هو وعصابة من القراء يجالدون أهل الشام إذ طلع عليهم فتى شاب وهو يقول:
أنا ابن أرباب ملوك غسان * والدائن اليوم بدين عثمان أنبأنا قراؤنا بما كان * إن عليا قتل ابن عفان ثم شد لا ينثني حتى يضرب بسيفه، ثم جعل يلعن عليا عليه السلام ويشتمه ويسهب في ذمه.