فقالا: بايعناه وما لأحد في أعناقنا بيعة، وإنما استكرهنا على بيعته.
فقال ناس: قد صدقا وأحسنا القول وقطعا بالصواب.
وقال ناس: ما صدقا ولا أصابا بالقول، حتى ارتفعت الأصوات.
قال: ثم أقبلت عائشة على جملها، فنادت بصوت مرتفع: أيها الناس، أقلوا واسكتوا، فأسكت الناس لها، فقالت: إن عثمان قد غير وبدل ثم لم يزل يغسل ذلك بالتوبة حتى قتل مظلوما تائبا، وإنما نقموا عليه ضربه بالسوط، وتأمير الشبان، وحماية موضع الغمامة، فقتلوه محرما في حرمة الشهر وحرمة البلد ذبحا كما يذبح الجمل.
ألا وإن قريشا رمت غرضها بنبالها، وأدمت أفواهها بأيديها، وما نالت بقتلها إياه شيئا، ولا سلكت به سبيلا قاصدا.
أما والله، ليرونها بلايا عقيمة تنبه النائم، وتقيم الجالس، وليسلطن عليهم قوم لا يرحمونهم يسومونهم سوء العذاب، إنه ما بلغ من ذنب عثمان ما يستحل به دمه مصتموه كما يماص الثوب الرخيص، ثم عدوتم عليه فقتلتموه بعد توبته وخروجه من ذنبه، وبايعتم ابن أبي طالب بغير مشورة من الجماعة ابتزازا وغصبا.
أتروني أغضب لكم من سوط عثمان ولسانه، ولا أغضب لعثمان من سيوفكم، ألا إن عثمان قتل مظلوما فاطلبوا قتلته، فإذا ظفرتم بهم فاقتلوهم، ثم اجعلوا الأمر شورى بين الرهط الذين اختارهم عمر بن الخطاب ولا يدخل فيهم من شرك في دم عثمان.
قال: فماج الناس واختلطوا، فمن قائل: القول ما قالت، ومن قائل يقول: