قال: وأقبل القوم فلما انتهوا إلى المربد قام رجل من بني جشم، فقال: أيها الناس، أنا فلان الجشمي وقد أتاكم هؤلاء القوم، فإن كانوا أتوكم خائفين لقد أتوكم من المكان الذي يأمن فيه الطير والوحش والسباع، وإن كانوا إنما أتوكم بطلب دم عثمان فغيرنا ولى قتله.
فأطيعوني أيها الناس، وردوهم من حيث أقبلوا فإنكم إن تفعلوا تسلموا من الحرب الضروس والفتنة الصماء التي لا تبقي ولا تذر.
قال: فحضر ناس من أهل البصرة إلى المربد حتى ملأوه مشاة وركبانا.
فقام طلحة فأشار إلى الناس بالسكوت ليخطب، فسكتوا بعد جهد.
قال: أما بعد، فإن عثمان بن عفان كان من أهل السابقة والفضيلة، ومن المهاجرين الأولين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، فنزل القرآن ناطقا بفضلهم، وأحد أئمة المسلمين الوالين عليكم بعد أبي بكر وعمر صاحبي رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد كان أحدث أحداثا نقمناها عليه فاعتبنا، فعدا عليه من ابتز هذه الأمة أمرها غصبا بغير رضى منها ولا مشورة فقتله وساعده على ذلك قوم غير أتقياء ولا أبرار فقتل محرما بريئا تائبا.
وقد جئناكم - أيها الناس - نطلب بدم عثمان وندعوكم إلى الطلب بدمه فإن نحن أمكننا الله من قتلته قتلناهم به، وجعلنا هذا الأمر مشورة بين المسلمين، وكانت خلافته رحمة للأمة جميعا فإن كل من أخذ الأمر عن غير رضى من العامة ولا مشورة منها ابتزازا كان ملكه عضوضا وحدثا كبيرا.
ثم قام الزبير فتكلم بمثل كلام طلحة، فقام إليهما ناس من أهل البصرة، فقالوا لهما: ألم تبايعا عليا عليه السلام فيمن بايعه، ففيم بايعتما ثم نكثتما؟