وأنت يا أبا عبد الله، لن يعد العهد بقيامك دون الرجل يوم مات رسول الله صلى الله عليه وآله وأنت آخذ قائم سيفك، تقول: ما أحد أحق بالخلافة منه، ولا أولى بها منه، وامتنعت من بيعة أبي بكر، فأين ذلك الفعل من هذا القول؟
فقال لهما: اذهبا فألقيا طلحة، فقاما إلى طلحة، فوجداه خشن الملبس شديد العريكة قوي العزم في إثارة الفتنة، وإضرام نار الحرب.
فانصرفا إلى عثمان بن حنيف، فأخبراه، وقال له أبو الأسود:
يا بن حنيف قد أتيت فانفر * وطاعن القوم وجالد واصبر وابرز لها مستلثما وشمر فقال ابن حنيف: إي والحرمين لأفعلن، وأمر مناديه، فنادى بالناس:
السلاح السلاح، فاجتمعوا إليه، وقال أبو الأسود شعرا:
وأحسن قوليهما فادح * يضيق به الخطب مستنكد وقد أوعدونا بجهد الوعيد * فأهون علينا بما أوعدوا فقلنا: ركضتم ولم ترملوا * وأصدرتم قبل أن توردوا فإن تلقحوا الحرب بين الرجال * فملقحها جده الأنكد وإن عليا لكم مصحر * ألا إنه الأسد الأسود أما إنه ثالث العابدين * بمكة والله لا يعبد فرخوا الخناق ولا تعجلوا * فإن غدا لكم موعد