قال: وكتب علي عليه السلام إلى عثمان لما بلغه مشارفة القوم البصرة:
" من عبد الله علي أمير المؤمنين عليه السلام إلى عثمان بن حنيف: أما بعد - فإن البغاة عاهدوا الله ثم نكثوا وتوجهوا إلى مصرك وساقهم الشيطان لطلب ما لا يرضي الله والله أشد بأسا وأشد تنكيلا، فإذا قدموا عليك فادعهم إلى الطاعة والرجوع إلى الوفاء بالعهد والميثاق الذي فارقوه، فإن أجابوا فأحسن جوارهم ما داموا عندك، وإن أبوا إلا التمسك بحبل النكث والخلاف فناجزهم القتال حتى يحكم الله بينك وبينهم وهو خير الحاكمين.
وكتبت كتابي هذا من " الربذة " وأنا معجل المسير إليك إن شاء الله، وكتب عبيد الله بن أبي رافع في سنة ست وثلاثين ".
قال: فلما وصل كتاب علي عليه السلام إلى عثمان أرسل إلى أبي الأسود الدؤلي، وعمران بن الحصين الخزاعي، فأمرهما أن يسيرا حتى يأتياه بعلم القوم، وما الذي أقدمهم؟
فانطلقا حتى أتيا حفر أبي موسى وبه معسكر القوم، فدخلا على عائشة، وسألاها ووعظاها وأذكراها وناشداها الله.
فقالت لهما: ألقيا طلحة والزبير، فقاما من عندها ولقيا الزبير، فكلماه، فقال لهما: إنا جئنا للطلب بدم عثمان، وندعو الناس إلى أن يؤدوا أمر الخلافة شورى ليختار الناس لأنفسهم.
فقالا له: إن عثمان لم يقتل بالبصرة ليطلب دمه فيها، وأنت تعلم قتلة عثمان، من هم؟ وأين هم؟ وأنت وصاحبك وعائشة كنتم أشد الناس عليه، وأعظمهم إغراء بدمه، فأقيدوا من أنفسكم، وأما إعادة أمر الخلافة شورى، فكيف وقد بايعتم عليا عليه السلام طائعين غير مكرهين.