ونظر في الأمور.
ولما سمع معاوية بموت علي عليه السلام وبيعة الحسن عليه السلام أنفذ رجلا من حمير إلى الكوفة، وآخر من بني القين إلى البصرة ليطالعاه بالأخبار، ويفسدا على الحسن عليه السلام الأمر، ويغيرا عليه قلوب الناس، فعرف بهما الحسن عليه السلام فأخذهما وقتلهما، وكتب إلى معاوية: أما بعد: فإنك دسست الرجال، وأرصدت العيون، كأنك تحب اللقاء، ولو ترى العاقبة وما أوشك في ذلك فتوقعه إن شاء الله تعالى (1).
فلما بلغ معاوية كتابه، وقتل الرجلين، سار بنفسه إلى العراق، وتحرك الحسن عليه السلام، وبعث حجر بن عدي رضي الله عنه، واستعد الناس للقتال، فتناقلوا عنه، ثم حفوا مع أخلاطا في الناس... ثم سار حتى نزل ساباط القنطرة وبات هناك، فلما أصبح أراد عليه السلام أن يمتحن أصحابه، ويستبرئ أحوالهم في طاعته ليميز أولياءه من أعدائه، ويكون على بصيرة من لقاء معاوية، فأمر أن ينادي في الناس: الصلاة جامعة، فاستجمعوا، فصعد المنبر وخطبهم فقال:
الحمد لله كلما حمده الحامدون، وأشهد أن لا إله إلا الله كلما شهد له الشاهدون، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق، وائتمنه بالوحي صلى الله عليه وآله.
أما بعد، فوالله إني لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنه وأنا أنصح