لوجه الله وأعتقته (1).
وهذا الحديث برهان ساطع على كذبه، إذ أنه كان فقيرا يلصق بطنه بالحصباء، فمن أين له العبد المملوك؟؟
وفي الحق أن أبا هريرة كان كثير الوضع، ولكنه لسوء حظه لم يكن ليحسن الوضع، فكان يحدث كما عرفت بكل ما يختلج في ذاكرته، ولو أوتي أبو هريرة حسن تنظيم الأحاديث وتزويرها كما أوتي من الاقتدار على الاختلاق لضل به خلق كثير، ولكن شاء أبو هريرة شيئا، وشاء الله شيئا آخر. شاء أبو هريرة أن يضع السم بالدسم وأن يدس في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله ما يصيب بذلك غرضه، وشاء الله أن يطلع الناس على سريرته، ويعرفهم كذبه، وقد قيل لابن عمر كما في " صحيح مسلم " (2): إن أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " من اتبع جنازة فله قيراط من الأجر "، قال ابن عمر:
أكثر علينا أبو هريرة.
ومما يدلنا دلالة واضحة على كثرة وضعه أن أمير المؤمنين عليه السلام وهو ابن عم الرسول صلى الله عليه وآله وممن ربي في حجره وهو الملازم له داخلا وخارجا، ومع ذلك لم يرو عنه ما روي عن أبي هريرة الذي كان لا يجتمع بخدمته إلا كما كان يجتمع بخدمته سائر المسلمين، وقد تنبه لهذا سراج الدين البلقيني - وهو من علمائهم الأعاظم - فأبطل كل ما تفرد به أبو هريرة.
وأكاذيب أبي هريرة وخرافاته يضيق عنها هذا الفصل، وأحسب فيما سقناه للمطالع الكريم كفاية.