فقد وصف الظمآن بصفات عديدة:
الأولى: حسبان السراب ماء، كما قال سبحانه: (كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء).
الثانية: إذا وصل إلى السراب لم يجده شيئا نافعا، كما قال سبحانه (حتى إذا جاءه لم يجده شيئا) وإنما خص الظمآن به مع أن السراب يتراءى ماء لكل راء، لأن المقصود هو مجيء الرائي إلى السراب، ولا يجيئه إلا الظمآن ليرتوي ويرفع عطشه.
الثالثة: عندما يشرف على السراب لا يجد فيه ماء، ولكن يجد الله سبحانه عنده، كما قال سبحانه: (ووجد الله عنده).
وهذا خبر عن الظمآن، ولكن المقصود منه في هذه الجملة هو الكافر، والمعنى وجد أمر الله ووجد جزاء الله، وذلك عند حلول أجله وإشرافه على الآخرة.
فالكافر يتصور أن ما يقدم من قرابين وأذكار سوف ينفعه عند موته وبعده، وسوف تقوم الآلهة بالشفاعة له، ولكن يتجلى له خلاف ذلك وأن الأمر أمر الله لا أمر غيره فلا يجدون أثرا من ألوهية آلهتهم.
فعند ذلك يجدون جزاء أعمالهم، كما يقول سبحانه: (فوفاهم الله حسابهم).
ثم إنه سبحانه يصف نفسه بقوله: (والله سريع الحساب).
وبذلك تبين أن الآية المباركة لبيان حال الظمآن الحقيقي إلى قوله: (لم يجده شيئا)، كما أنها من قوله (ووجد...) يرجع إلى الظمآن لكن بالمعنى المجازي وهو الكافر.