الموجودات، وهذه المراتب الخمس يمكن تشبيهها بالأمور الخمسة التي ذكرها الله تعالى، وهي: المشكاة، والزجاجة، والمصباح، والشجرة، والزيت.
وعلى هذا فالتمثيل مركبا نظير القول الآتي:
القول السادس: إن النفس الإنسانية قابلة للمعارف والإدراكات المجردة، ثم إنه في أول الأمر تكون خالية عن جميع هذه المعارف، فهناك تسمى عقلا هيولانيا، وهي المشكاة.
وفي المرتبة الثانية يحصل فيها العلوم البديهية التي يمكن التوصل بتركيباتها إلى اكتساب العلوم النظرية. ثم إن أمكنه الانتقال إن كانت ضعيفة فهي الشجرة، وإن كانت أقوى من ذلك فهي الزيت، وإن كانت شديدة القوة فهي الزجاجة التي كأنها الكوكب الدري، وإن كانت في النهاية القصوى وهي النفس القدسية التي للأنبياء فهي التي (يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار).
وفي المرتبة الثالثة يكتسب من العلوم الضرورية العلوم النظرية، إلا أنها لا تكون حاضرة بالفعل، ولكنها تكون بحيث متى شاء صاحبها استحضارها قدر عليه، وهذا يسمى عقلا بالفعل وهو المصباح.
وفي المرتبة الرابعة أن تكون تلك المعارف حاصلة بالفعل، وهذا يسمى عقلا مستفادا، وهو نور على نور، لأن الحكمة ملكة نور وحصول ما عليه الملكة نور آخر. ثم إن هذه العلوم التي تحصل في الأرواح البشرية، إنما تحصل من جوهر روحاني يسمى بالعقل الفعال وهو مدبر ما تحت كرة القمر وهو النار.
القول السابع: إنه سبحانه شبه الصدر بالمشكاة، والقلب بالزجاجة، والمعرفة بالمصباح، وهذا المصباح إنما يوقد من شجرة مباركة وهي إلهامات الملائكة. وإنما شبه الملائكة بالشجرة المباركة لكثرة منافعهم، ولكنه وصفها