إيقاظ ثم إن بعض المؤلفين في أمثال القرآن ذكروا الآية التالية واعتبروها من الأمثال، قال سبحانه: (وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا * أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا * أنظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا). (1) ولكن الآية رغم ما جاء فيها من لفظ الأمثال ليست من قبيل التمثيل، وإنما هي بصدد نقل ما وصف به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في لسان الكفار، حيث وصفوه بأنه يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق، فلا يصلح للرسالة.
ثم نقموا منه بأنا سلمنا أنه رسول، ولكنه لماذا لا ينزل إليه ملك فيكون معه نذيرا ليتصل إنذاره بالغيب بتوسط الملك؟
ثم نقموا منه أيضا بأنه لماذا لم يلق إليه كنز من السماء حتى يصرفه في حوائجه المادية، أو لماذا لا تكون له جنة يأكل منها، ثم في الختام وصفوه بأنه مسحور.
فقال سبحانه اعتراضا وتنديدا بوصفهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إيجابا وسلبا بقوله (أنظر كيف ضربوا لك الأمثال) أي انظر كيف وصفوك تارة بأنك تأكل وتمشي في الأسواق، وأخرى بعدم اقترانك بملك، وثالثة بالفقر، ورابعة بكونك مسحورا بتخيل أنه رسول يأتيه ملك الوحي بالرسالة والكتاب.
وليس هاهنا مشبه ولا مشبه به ولا تمثيل ليبين موقف الرسول، ولأجل ذلك صرحنا في المقدمة أنه ليس من الأمثال القرآنية.