حق عمارته، وهي التي تلائم سير النظام الكوني الذي أدى إلى ظهور الإنسان بوجوده المنظور على الاعتقاد الحق والعمل الصالح. (١) ثم إنه سبحانه ختم الآية بقوله: (ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون)، أي ليرجعوا إلى فطرتهم فيتحققوا من أن السعادة رهن الاعتقاد الصحيح المثمر في الحياتين.
وبذلك يعلم أن ما ذكره بعض المفسرين بأن المراد كلمة التوحيد لا يخالف ما ذكرنا، لأن المراد هو التمثل بكلمة التوحيد لا التلفظ بها وحده حتى أن قوله سبحانه: ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ (٢) تلا يراد منه التحقق بقوله (ربنا الله) لا التلفظ بها، وقد أشار سبحانه إلى العقيدة الصحيحة، بقوله: ﴿إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه﴾ (3) فالكلم الطيب هو العقيدة، والعمل الصالح يرفع تلك العقيدة.
وبذلك يعلم أن كل عقيدة صحيحة لها جذور في القلوب، ولها فروع وأغصان في حياة الإنسان ولهذه الفروع ثمار، فالاعتقاد بالواجب العادل الحكيم المعيد للإنسان بعد الموت يورث التثبت في الحياة والاجتناب عن الظلم والعبث والفساد إلى غير ذلك من العقائد الصالحة التي لها فروع.
إلى هنا تم المثل الأول للمؤمن والكافر أو للإيمان والكفر.