هذه إشارة إلى أن الأعمال الصالحة يمليها الله عز وجل لأصحابها كما يملي لمن بذر في الأرض الطيبة.
وظاهر الآية أن المشبه هو المنفق، والمشبه به هو الحبة المتبدلة إلى سبعمائة حبة، ولكن التنزيل في الواقع بين أحد الأمرين:
أ: تشبيه المنفق بزارع الحبة.
ب: تشبيه الإنفاق بالحبة المزروعة.
ففي الآية أحد التقديرين.
ثم إن ما ذكره القرآن من التمثيل ليس أمرا وهميا وفرضا خياليا بل هو أمر ممكن واقع، بل ربما يتجاوز هذا العدد، فقد حكى لي بعض الزراع أنه جنى من ساق واحد ذات سنابل متعددة تسعمائة حبة، ولا غرو في ذلك فإنه سبحانه هو القابض والباسط.
ثم إنه سبحانه فرض على المنفق في سبيل الله الطالب رضاه ومغفرته أن لا يتبع ما أنفقه بالمن والأذى.
أما المن، فهو أن يتطاول المعطي على من أعطاه بأن يقول: " ألم أعطك " " ألم أحسن إليك " كل ذلك استطالة عليه، وأما الأذى فهو واضح.
فهؤلاء - أي المنفقون - غير المتبعين إنفاقهم بالمن والأذى (لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون).
ثم إنه سبحانه يرشد المعوزين بأن يردوا الفقراء إذا سألوهم بأحد نحوين:
أ: (قول معروف) كأن يتلطف بالكلام في رد السائلين والاعتذار منهم والدعاء لهم.