للحاضرين: إن شككتم في أمره فجربوه وناظروه، فأجمع أمرهم أن يكون الناظر له يحيى بن أكثم، فأحضروه وسأله يحيى عن مسائل أجاب عنها بأحسن جواب، وأبان عن علم كثير وفضل غزير، فقال المأمون ليحيى: أحب أن يسألك كما سألته ولو مسألة واحدة. فقال يحيى: يسأل فإن حضرني الجواب أجبته وإلا أستفيد منه، فقال محمد الجواد: ما تقول في رجل نظر إلى امرأة في أول النهار بشهوة فكان نظره إليها حراما عليه، فلما ارتفع النهار حلت له، فلما زالت الشمس حرمت عليه، فلما دخل الليل حلت له، فلما انتصف الليل حرمت عليه، فلما طلع الفجر حلت له، فلما طلعت الشمس حرمت عليه، فلما ارتفع النهار حلت له. فبماذا حلت وبماذا حرمت؟
فقال يحيى: لا أدري.
فقال - أي محمد الجواد رضي الله عنه: إن هذه أمة لرجل من الناس نظر إليها أجنبي في أول النهار بشهوة وذلك حرام عليه، فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلت له، فلما زالت الشمس أعتقها فحرمت عليه، فلما دخل الليل تزوجها فحلت له، فلما انتصف الليل ظاهرها فحرمت عليه، فلما طلع الفجر كفر عن الظهار فحلت له، فلما طلعت الشمس طلقها واحدة رجعية فحرمت عليه فلما ارتفع النهار راجعها فحلت له.
فصاح المأمون: أعذرتموني؟ قالوا: نعم، فالتفت المأمون إلى جواد وزوجه ابنته أم الفضل، وسيره إلى المدينة المنورة.
ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة 1296 والمتوفى بها أيضا 1372 في " أحسن القصص " (ج 4 ص 294 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال:
اتفق أن المأمون خرج يوما يتصيد - فذكر مثل ما تقدم عن " سبائك الذهب " إلى فترحم على أبيه وساق جواده إلى مقصده.