ولا شك في أن الحسين رضي الله عنه كان يفكر في رفع الظلم الذي رآه في زمانه:
أيقدم على رفع الظلم بالكلمة اللينة أو بالنصيحة القاسية أو بالجدال أو بالحرب. إن السكوت على الظلم لا يجوز بحال لا ومنهم العلامة العارف الشيخ أحمد بن علي بن يحيى الرفاعي المتوفى سنة 578 في " البرهان المؤيدي " (ص 147 ط دار الكتاب النفيس - بيروت) قال:
الحسين عليه السلام طلبت بشريته حقها الشرعي، الذي لا نزاع فيه، فغارت الربوبية فرفعت روحه إلى مقعد صدق، فلما قرت الروح في مقامها حنت لقالبها المبارك (فقطع دابر القوم الذين ظلموا)، وتحكم سيف العدل في الأمرين، فكانت في بشرية الإمام ما فعلت، وكأنها تقول لها: طلبت قود الرقاب إلي، وأنا أريد قودك بالكلية إلي، فطلبك إلي اضمحل عند إرادتي إياك إلي، فبارزتك إرادتي بأكف من قطعتهم عني، فأدنيتك بمن قطعتهم عني، وعرفتك أني فافعل، ويراد لي قبل تعلق إرادتي فلا أفعل، ولك ثواب الطلب، لأنك طلبت قود الرقاب إلي لا إليك، ولو أنك طلبت قود الرقاب إليك لما قدتك إلي.
فإن من طلب قود الرقاب إليه، بين خطر القهر والاستدراج، فإن قهرته قهرته بأكف عباد وصلتهم بي، فقطعت الآخر بهم عني، وإن فتكت به وبنفسه ومراده عساكر: (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) فقد ضل!.
أي سادة، طلب القود إلى الله، قبل تعلق إرادته، جرأ أعداء الله على ابن ولي الله، وسبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحبوب الله، وابن أحباب الله، الذي قام منار بشريته الكريم يدعو إلى الله، وطار طائر روحه النوراني إلى حضرة قدس الله، فكيف بمن يدعو إلى نفسه بنفسه؟ بشريته مقتولة، وروحه مبعودة، وحاله شاهد عليه.