الدير، فلما كان نصف الليل رأى الراهب نورا يسطع من مكان الرأس إلى عنان السماء، فأشرف على القوم وقال: من أنتم؟ قالوا: نحن أصحاب ابن زياد. قال: وما هذا الرأس؟ قالوا: رأس الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله. قال: نبيكم؟
قالوا: نعم. قال: بئس القوم أنتم، لو كان للمسيح ولد لأسكناه أحداقنا، ثم قال: هل لكم في شئ؟ قالوا: وما هو. قال: عندي عشرة آلاف درهم تأخذونها وتعطوني الرأس يكون عندي تمام الليلة، وإذا رحلتم خذوه. قالوا: وما يضرنا ذلك، فناولوه الرأس وناولهم الدراهم، فأخذه الراهب فغسله وطيبه وتركه على فخذه وقعد يبكي الليل كله، فلما أسفر الصبح قال: يا رأس لا أملك إلا نفسي، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن جدك رسول الله، وأشهد بأني مولاك وعبدك. ثم خرج عن الدير وما فيه وصار يخدم أهل البيت.
قال ابن هشام في السيرة: ثم إنهم أخذوا الرأس وساروا، فلما قربوا من دمشق قال بعضهم لبعض: تعالوا نقسم الدراهم لئلا يراها يزيد فيأخذها. فأخرجوها وإذا الدراهم قد حولت خزفا، وعلى إحدى جانبي الدراهم مكتوب " ولا تحسين الله غافلا عما يعمل الظالمون " وعلى الجانب الآخر " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " فرموها في نهر بردي.