من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل وظلمته كان والله غزير الدمعة طويل الفكرة يقلب كفه ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما جشب كان والله كأحدنا إذا سألناه ويبتدئنا إذا أتيناه ويأتينا إذا دعوناه، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه هيبة له ولا نبتديه تعظمة، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظمه أهل الدين ويحب المساكين لا يطمع القوي في باطله ولا ييئس الضعيف من عدله، فأشهد بالله لرأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سجوفه وغارت نجومه وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين، وكأني اسمعه وهو يقول: يا دنيا يا دنيا أبي تعرضت أم بي تشوقت هيهات غري غيري قد بتتك ثلاثا لا رجعة لي فيك فعمرك قصير وعيشك حقير وخطرك كبير، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق.
قال: فذرفت دموع معاوية فما يملكها وهو ينشفها بكمه، وقد اختنق القوم بالبكاء، ثم قال معاوية: رحم الله أبا الحسن، كان والله كذلك فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال: حزن من ذبح ولدها في حجرها فلا ترفأ عبرتها ولا يسكن حزنها.
ومنهم العلامة النقشبندي في (مناقب العشرة) (مخطوط).
روى الحديث بعين ما تقدم عن (المختار) إلا أنه أسقط بعض جمله وذكر بدل كلمة ظلمته (وحشته) وبدل كلمة جشب (خشن) وبدل قول قد بينتك (قد طلقتك ثلاثا).
ومنهم العلامة المولوي ولي الله اللكنهوئي في (مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين) (ص 87).
روى الحديث بعين ما تقدم عن (المختار) إلا أنه أسقط بعض جمله وذكر