ويقيم مأتما وراء مأتم في بيوت أمهات المؤمنين.
وذلك كله قبل وقوع تلك الرزية الفادحة فيكف به (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ذلك، فحقيق على كل من استن بسنته (صلى الله عليه وآله وسلم) صدقا أن يبكي على ريحانته جيلا بعد جيل، وفينة بعد فينة مدى الدهر.
على أن وصمة هذه الحوبة والعار والشنار على أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قد شوهت سمعتها، وسودت صحيفة تاريخها، وأبقت لها شية المعرة مع الأبد، ولم تذكر عن أمة من الأمم الغابرة التي أسلمت وجهها لله أنها صدرت منها لدة ما صدر عن أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من الجناية الوبيلة على بضعة نبيها، وتمت هي باسم الأمة في خلق السماوات كما جاء عن جبريل وغيره ممن نعى منهم الحسين السبط، وصارت الأمة سبة على نبيها بين الأمم، فترى رأس الجالوت لقي محمد بن عبد الرحمن كما ذكره ابن سعد فقال: إن بيني وبين داود سبعين أبا، وإن اليهود تعظمني وتحترمني، وأنتم قتلتم ابن بنت نبيكم.
فعلى الأمة أن تبكي مدى الدهور حتى تغسل درن ذلك الخزي القاتم، وتزيل دنس تلك المنقصة المخزية بدمعة العين، وتسلي بها نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) عن المصاب الفادح.
4 - إقامة المأتم في بيوت أهله حينا بعد حين، وإعلامهم بذلك النبأ العظيم.
5 - شم تربة كربلاء وتقبيلها متى ما أخذها بيده وتقليبها بها.
6 - صر التربة في الثياب، والتحفظ عليها في البيوت بلسما وذكرى لريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما فعلت السيدة أم سلمة أم المؤمنين، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ينظر إليها وإلى صنيعها من كثب.