بني أمية ينزون على منبره كما تنزو القردة.
وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يتأذى من بكاء الحسين السبط، وقد جاء في الصحيح فيما أخرجه الحافظ أبو القاسم الطبراني في (المعجم الكبير) من طريق يزيد بن أبي زياد قال: خرج النبي (صلى الله عليه) من بيت عائشة (رضي الله عنها) فمر على بيت فاطمة فسمع حسينا يبكي (رضي الله عنه) فقال: ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني.
تراه (صلى الله عليه وآله وسلم) يتأذى من بكاء ريحانته فما ظنك به (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا وجده قتيلا بالقتل الذريع، مرملا بالدماء، مجدلا على الرمضاء، مكبوبا على الثرى، معفر الخدين، دامي الوريدين، محزوز الرأس من القفا، مسلوب العمامة والرداء، سفت الريح عليه السفا والعفا.
ما ظنك به (صلى الله عليه وآله وسلم) لما رآه مذبوحا عطشانا ظاميا وحيدا غريبا، تفتت كبده من الظمأ، ورضت أعضاؤه بحوافر الخيول.
آه وألف آه، يا أسفي عليه.
الجسم منه بكربلاء مضرج * والرأس منه على القناة يدار يا لهفي عليه، ويا لهفتاه؟
سبي أهله كالعبيد، وصفدوا بالحديد، يساقون في الفلوات، فوق أقتاب المطيات، تلفح وجوههم حر الهاجرات.
آه، أسفي على بنات محمد.
أصواتها بحت وهن نوادب يندبن قتلاهن بالايماء فكما دام حزن نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) مدى حياته، وكدر صفو عيشه رزء ولده العزيز، والأمر بعد لم يقع، كذلك حقيق علينا وعلى كل من صدقه (صلى الله عليه وآله وسلم) وصدق في ولائه، واستن بسننه، أن يدوم توجعنا وتفجعنا بالمصاب الفادح، ويكون