كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٤١
أو غير معين، والأول باطل لأنه إما موصوف بصفة تميزه عن غيره كأهل الحل والعقد أو العلماء أو الصحابة أو غير ما سميتم أو لا يكون كذلك، والأول باطل لإمكان الاختلاف وتعذر الاجتماع واستحالة الترجيح بلا مرجح، والثاني يستلزم تكليف ما لا يطاق ووقوع الهرج والفساد، وإن كان الثاني وهو أن لا يكون الاتفاق شرطا يستلزم الهرج والمرج والفتن والترجيح بلا مرجح أو اجتماع الأضداد، وإما أن يكون من القسم الثالث فيلزم أن لا يخل النبي صلى الله عليه وآله بل ينص عليه وإلا لزم إخلاله بالواجب وهو محال.
النظر الرابع في محل الوجوب الوجوب هنا يتحقق على الله سبحانه وتعالى، ويدل عليه وجوه:
الأول: إن اللطف ينقسم قسمين: أحدهما ما يكون من فعل الله تعالى: وثانيهما: ما يكون من فعل غيره، وكل قسم ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: ما يكون لطفا في واجب. وثانيهما: ما يكون لطفا في مندوب وقد تبين في علم الكلام إن كل ما هو لطف من الله تعالى في واجب كلف العبيد به على وجه لا يقوم غيره من أفعاله وأفعال غيره مقامه فيما هو لطف فيه فهو واجب على الله تعالى وإلا لقبح التكليف بالملطوف فيه (1) وانتقض غرضه (2)

(1) مثال ذلك أن نقول: إنه لو كان الإمام لطفا في بيان الشريعة وصيانتها عن العيث والعبث، ولم يكن سواه من أفعاله وأفعال العباد ما يقوم مقام الإمام في ذلك تعين عليه تعالى نصب الإمام، وإذا لم يعمل هذا اللطف كان التكليف بأحكام الشريعة قبيحا لعجز البشر دون معلم وحافظ عن فهم حقيقة الشريعة وصيانتها وعن التحريف، والخطأ، والقبيح لا يصدر منه جل شأنه - وقد تبين في محله من الكلام وكيف يصدر منه القبيح وهو قادر على فعل الحسن، وغني عن عمل القبيح أوليس يقدر على نصب إمام معصوم يقوى على حفظ الشريعة وتعليم الناس أحكامها، فلماذا لا يفعله؟ ولو جاز منه تعالى فعل القبيح لارتفع الوثوق بوعده ووعيده، لإمكان وقوع الكذب منه - تعالى عن ذلك علوا كبيرا - ولجاز عليه أيضا إظهار المعجز على يد الكاذب، وذلك يدعو إلى الشك في صدق الأنبياء، ويمنع من الاستدلال بالمعجز عليه، إلى غير ذلك من البراهين الكثيرة.
(2) فإن غرضه سبحانه هداية العباد وطاعتهم وما أنزل عليهم الشرائع إلا لذلك، فلو لم يكن لهم معلم وهاد وحافظ للشريعة بعد صاحب الشريعة لم يحصل غرضه تعالى.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست