النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا أم سلمة، إن جبرئيل أتاني من الله بما هو كائن من بعدي، وأمرني أن أوصي به عليا من بعدي، وكان جبرئيل عن يميني وعلي عن يساري، وأمرني أن آمر عليا بما هو كائن بعدي إلى يوم القيامة، فاعذريني ولا تلوميني إن الله اختار لكل أمة نبيا، واختار لكل نبي وصيا، فأنا نبي هذا الأمة وعلي وصيي في عترتي وأهل بيتي وأمتي من بعدي " (1) الحديث.
وذكر الخوارزمي والخطيب في تاريخه عدة أحاديث تتضمن أن عليا وصيه بعده، وذكر جملة منها ابن أبي الحديد في شرح النهج.
بيان: الحديث المتضمن لكونه أوصى لعلي (عليه السلام) وجعله وصيا بعده متكرر عندهم مما نقل بكثير، وهو صريح في المقصود لأن الوصاية هنا عامة، فالمراد بها الخلافة العامة في الدين والدنيا على الأمة، ولا يمكن أن يراد بها الوصاية الخاصة المتداولة أي الولاية على مال أو أطفال، لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لا أطفال عنده.
ومراعاة وصاية المال وإن اعتنى بها، لكنها توجب الاعتناء بالوصاية العامة بطريق أولى، بل يجب كما هو المناسب لحال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ورحمته لأمته خصوصا، ومن بقائه بعد الهجرة زمانا قليلا جدا، وهو في مكة محصورا في الشعب، وليس معه إلا قليل حتى هاجر إلى الطائف مع علي [(عليه السلام)] ثلاثة وعشرين يوما فلم يجد ناصرا فرجع لمكة، ثم هاجر إلى المدينة، وعلي لحقه بعد أن فعل بمكة ما أمره به، ثم بعد وفاته هاجر علي (عليه السلام) إلى الكوفة، فهو ذو ثلاث (2) والمناسب لغاية بغيته ورعاية الله لخلقه مراعاة الوصية العامة بل يجب، وهذه