شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٤٢٦
ومثال " حجا " قوله:
125 - قد كنت أحجو أبا عمر وأخا ثقة حتى ألمت بنا يوما ملمات .
125 - هذا البيت نسبه ابن هشام إلى تميم [بن أبي] بن مقبل، ونسبه صاحب المحكم إلى أبي شنبل الأعرابي، ونسبه ثعلب في أماليه إلى أعرابي يقال له القنان، ورواه ياقوت في معجم البلدان (1657) أول أربعة أبيات، وبعده قوله:
فقلت، والمرء تخطيه عطيته: * أدنى عطيته إياي ميئات اللغة: " أحجو " أظن " ألمت " نزلت، والملمات: جمع ملمة وهي النازلة من نوازل الدهر المعنى: لقد كنت أظن أبا عمرو صديقا يركن إليه في النوازل، ولكني قد عرفت مقدار مودته، إذ نزلت بي نازلة فلم يكن منه إلا أن نفر مني وأعرض عني ولم يأخذ بيدي فيها.
الاعراب: " قد " حرف تحقيق " كنت " كان: فعل ماض ناقص، والتاء اسمه " أحجو " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا " أبا " مفعول أول لأحجو، وأبا مضاف و " عمرو " مضاف إليه " أخا " مفعول ثان لأحجو، وجملة أحجو ومعموليه في محل نصب خبر كان " ثقة " يقرأ بالنصب منونا مع تنوين أخ، فهو حينئذ صفة له، ويقرأ بالجر منونا، فأخا - حينئذ - مضاف، و " ثقة " مضاف إليه، وعلى الأول هو معرب بالحركات، وعلى الثاني هو معرب بالحروف لاستيفائه شروط الاعراب بها " حتى " حرف غاية " ألمت " ألم: فعل ماض، والتاء للتأنيث " بنا " جار ومجرور متعلق بألم " يوما " ظرف زمان متعلق بألم " ملمات " فاعل ألم.
الشاهد فيه: قوله " أحجو أبا عمرو أخا " حيث استعمل المضارع من " حجا " بمعنى ظن، ونصب به مفعولين، أحدهما " أبا عمرو " والثاني " أخا ثقة ".
هذا، واعلم أن العيني صرح بأنه لم ينقل أحد من النحاة أن " حجا يحجر " ينصب مفعولين غير ابن مالك رحمه الله.
واعلم أيضا أن " حجا " تأتي بمعنى غلب في المحاجاة، وهي: أن تلقى على مخاطبك كلمة يخالف لفظها معناها، وتسمى الكلمة أحجية وأدعية، وتأتي حجا أيضا بمعنى قصد، ومنه قول الأخطل:
حجونا بني النعمان إذ عص ملكهم * وقبل بني النعمان حاربنا عمرو (عص ملكهم: أي صلب واشتد) وتأتي أيضا بمعنى أقام، ومنه قول عمارة ابن يمن:
* حيث تحجي مطرق بالفالق * وقول العجاج:
فهن يعكفن به إذا حجا * عكف النبيط يلعبون الفنزجا والتي بمعنى غلب في المحاجاة أو قصد تتعدى إلى مفعول واحد، والتي بمعنى أقام في المكان لا تتعدى بنفسها، وإنما تتعدى بالباء، كما رأيت في الشواهد.