شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ١٦٩
وأشار بقوله: " والحذف عندهم كثير منجلي - إلى آخره " إلى العائد (المنصوب)؟.
وشرط جواز حذفه أن يكون: متصلا منصوبا، بفعل تام أو بوصف، نحو " جاء الذي ضربته، والذي أنا معطيكه درهم ".
فيجوز حذف الهاء من " ضربته " فتقول " جاء الذي ضربت " ومنه قوله تعالى: (ذرني ومن خلقت وحيدا) وقوله تعالى: (أهذا الذي بعث الله رسولا) التقدير " خلقته، وبعثه " (1).
وكذلك يجوز حذف الهاء من " معطيكه "، فتقول " الذي أنا معطيك درهم " ومنه قوله:
34 - ما الله موليك فضل فاحمدنه به فما لدى غيره نفع ولا ضرر تقديره: الذي الله موليكه فضل، فحذفت الهاء.
.

(١) لم يذكر الشارح شيئا من الشواهد من الشعر العربي على جواز حذف العائد المنصوب بالفعل المتصرف، بل اكتفى بذكر الآيتين الكريمتين، لان مجيئه في القرآن دليل على كثرة استعماله في الفصيح، ومن ذلك قول عروة بن حزام:
وما هو إلا أن أراها فجاءة * فأبهت حتى ما أكاد أجيب وأصرف عن (وجهي) الذي كنت أرتئي وأنسى الذي أعددت حين أجيب أراد أن يقول: أصرف عن وجهي الذي كنت أرتئيه، وأنسى الذي أعددته، فحذف العائد المنصوب بأرتئي وبأعددت، وكل منهما فعل تام متصرف:
34 - هذا البيت من الشواهد التي ذكروها ولم ينسبوها إلى قائل معين.
اللغة: " موليك " اسم فاعل من أولاه النعمة، إذا أعطاه إياها " فضل " إحسان.
المعنى: الذي يمنحك الله من النعم فضل منه عليك، ومنة جاءتك من عنده من غير أن تستوجب عليه سبحانه شيئا من ذلك، فاحمد ربك عليه، واعلم أنه هو الذي ينفعك ويضرك، وأن غيره لا يملك لك شيئا من نفع أو ضر.
الاعراب: " ما " أسم موصول مبتدأ " الله " مبتدأ " موليك " مولى: خبر عن لفظ الجلالة، وله فاعل مستتر فيه عائد على الاسم الكريم، والكاف ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل جر بالإضافة، وهو المفعول الأول، وله مفعول ثان محذوف وهو العائد على الموصول، والتقدير: موليكه، والجملة من المبتدأ والخبر لا محل لها من الاعراب صلة الموصول " خير " خبر عن " ما " الموصولة " فاحمدنه " الفاء عاطفة، احمد: فعل أمر.
وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والنون نون التوكيد، والضمير البارز المتصل مفعول به " به " جار ومجرور متعلق بأحمد " فما " الفاء للتعليل، وما: نافية تعمل عمل ليس " لدى " ظرف متعلق بمحذوف خبر " ما " مقدم على اسمها، وجاز تقديمه لأنه ظرف يتوسع فيه، ولدى مضاف وغير من " غيره " مضاف إليه، وغير مضاف وضمير الغائب العائد على الله مضاف إليه " نفع " اسم " ما " مؤخر " ولا " الواو عاطفة، ولا: نافية " ضرر " معطوف على نفع، ويجوز أن تكون " ما " نافية مهملة، و " لدى " متعلق بمحذوف خبر مقدم، و " نفع " مبتدأ مؤخر.
الشاهد فيه: قوله: " ما الله موليك " حيث حذف الضمير العائد على الاسم الموصول لأنه منصوب بوصف، وهذا الوصف اسم فاعل، وأصل الكلام: ما الله موليكه، أي: الشئ الذي الله تعالى معطيكه هو فضل وإحسان منه عليك.
واعلم أنه يشترط في حذف العائد المنصوب بالوصف ألا يكون هذا الوصف صلة لآل فإن كان الوصف صلة لآل كان الحذف شاذا، كما في قول الشاعر:
ما المستفز الهوى محمود عاقبة * ولو أتيح له صفو بلا كدر كان ينبغي أن يقول: ما المستفزه الهوى محمود عاقبة، فحذف الضمير المنصوب مع أن ناصبه صلة لآل، ومثله قول الآخر:
في المعقب البغي أهل البغي * ما ينهى امرأ حازما أن يسأما أراد أن يقول: في المعقبه البغي، فلم يتسع له.
وإنما يمتنع حذف المنصوب بصلة أل إذا كان هذا المنصوب عائدا على أل نفسها، لأنه هو الذي يدل على اسمية أل، فإذا حذف زال الدليل على ذلك.
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 168 169 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست